النصوص أو الأفكار القرآنية إلا أنها لا تجعل منها نقطة انطلاق، بل تقدم نفسها بوصفها منهجا للبحث له استقلاليته عن العقيدة دون أن يعنى ذلك رفضها أو تجاهلها. ومع ذلك فإن مشاكلها لم تنفصم عراها عن مشكلات علم الكلام. ومن أجل الحفاظ على مفارقة الذات الإلهية للمخلوقات ميّز المعتزلة بين الماهية والوجود بالنسبة للكائنات المخلوقة. أما الذات الإلهية فيتوحد فيها الوجود والماهية وفعل الخلق عندهم ذو معنى ايجابى فهو يعنى نقل الماهية من العدم إلى الوجود، أى لم يكن فيكون.
والفلسفة الإسلامية فى طورها الأول تقوم على أنطولوجيا تميز نفس التمييز بين الماهية والوجود بالنسبة لكل الموجودات إلا الذات الإلهية. ولكن يمكن القول إن هذه الفلسفة تضم مفهومين متناقضين، فهناك المبدأ الأول الذى تنطوى وحدته على ماهيات ووجود الموجودات معا وبالتالى فثمة استمرارية بين الذات الإلهية والموجودات (نظرية الفيض). ولكن هناك أيضا عدم استمرارية بين ما هو ضرورى وما هو ممكن من الموجودات. والموجودات الممكنة ممكنة إذا نظرنا إليها فى ذاتها ولكنها موجودات ضرورية إذا نظرنا إليها فى علاقتها بالمبدأ الأول. يمكن القول أيضا بأن هناك استمرارية كونية بين العالم ومصدره (نظرية الفيض) وصولا إلى شكل من أشكال الوحدانية. بينما يوجد نوع من الفجوة الوجودية (الأنطولوجية) بين ما هو ضرورى وما هو ممكن أو عارض وصولا إلى تأكيد مفارقة الذات الإلهية للموجودات. تحدثنا عن بعدين للفلسفة الإسلامية فى طورها الأول هما الكوسمولوجيا والانطولوجيا ولكن ثمة بعد ثالث هو البعد الصوفى -وهذا البعد الصوفى يتمثل فى النموذج أو النسق الفلسفى الذى قدمه ابن سينا- إن البعد الوجودى يعلّم الإنسان أن وجود مصدره اللَّه، والبعد الكونى يمده بالمسيرة الروحية، أما التجربة الصوفية فتتيح له التحقق من مواصلة هذه المسيرة الروحية، ولذلك كانت الكلمة الأخيرة رهنا بهذه التجربة. كذلك؛ اهتمت الفلسفة الإسلامية بالمشكلات