فى ديوان سلامة فى التعليقات على القصيدة رقم ٨ (طبعة شيخو) أن هذا الحادث وقع لأحمر مع رجل يقال له صعصعة بن محمود بن عمرو بن مرثد؛ ولعل صعصعة هذا كان من عشيرة عمرو القيسية، وكانوا ينزلون حلفاء على بنى شيبان، أو لعله كان من أسرة مرثد اليمنية المشهورة؛ ويشير سلامة فى أطول قصائده إلى موت النعمان ملك الحيرة الذى وطئته الفيلة بإشارة من برويز ملك الفرس (الديوان، رقم ٣، جـ ٥، ص ٣٩)، ثم إنه ورد فى نقائض جرير والفرزدق قصيدتان لسلامة لم يذكرا فى الديوان، وقد أشاد فيهما بنصر أحرزته منقر فى الجدود، إذ أنزلت الهزيمة ببكر بن وائل، وكانت منقر عشيرة من بطن سعد الفزر أيضا. وهاتان الحادثتان تدلان على أن سلامة كان يعيش فى أواخر القرن السادس تقريبا، ولا يمكننا تعيين تاريخ وفاته، على أنه لم يدرك الإسلام، ولم يذكر أحد من أحفاده فى سير المسلمين الأولين.
وقد أخطأ شيخو إذ قال إن سلامة هو الزعيم المشهور سلمى بن جندل بن نهشل، ذلك أن سلمى كان من عشيرة نهشل بن دارم ويمت بصلة القربى لمجاشع جد الفرزدق الشاعر. واشتهر سلامة ببراعته فى وصف الجياد، وقد وصلت إلينا قصائده المجموعة فى مخطوطين قديمين، طبعهما شيخو سنة ١٩٢٠، ولا يحتوى الديوان إلا على تسع قصائد أو قطع منها، ومجموعها ١٣٥ بيتًا من الشعر، أضاف إليها شيخو ٣٦ بيتًا جمعها من مصادر شتى، وأستطيع أنا أن أضيف إليها بيتا واحدًا ورد فى كتاب العين (طبعة بغداد، ص ١٠٨)؛ وليس ثمة سبب يدعونا إلى الشك فى صحة معظم هذه الأشعار، ويتحدث الشاعر فيها عن شبابه الذى ولى ويأسف على أنه لم يكن هاديا له فى كبره، ومثل هذه الأقوال تشيع عادة فى لغة القصائد التى من هذا القبيل، وأنا لا أفسر ذكره اللَّه (رقم ١، جـ ٥، ص ١٢) على أنه حشو أقحم على قصائده بعد مماته، ذلك أننى أعتقد أن ثمة ضربا من التوحيد كان شائعا فى بلاد العرب قبل مجئ النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، ولو أن الصيغة "الإله" قد تكون هى الصيغة الصحيحة فى الأيام الأولى؛ ويتحدث