وهو قول إسحاق وأبي عبيد وأهل الكوفة وأهل مكة وأهل العراق، فيما نقله العلماء، وهو أيضًا رواية عن الشافعي.
وقال الشافعي وأصحابه: هي آية من كل سورة سوى براءة. وحكاه ابن عبد البر عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وعطاء وطاوس ومكحول. وحكاه ابن كثير عن أبي هريرة وعن سعيد بن جبير والزهري, وهو رواية عن أحمد. وادعى أبو بكر الرازي الجصاص في أحكام القرآن الكريم أن الشافعي لم يسبقه أحد إلى هذا القول.
وذهب أبو بكر الرازي الجصاص إلى أنها آية في كل موضع كتبت فيه في المصحف، وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها، وإنما أنزلت لافتتاح القراءة بها وللفصل بين كل سورتين -سوى ما بين الأنفال وبراءة- وهو المختار عند الحنفية، قال محمَّد بن الحسن:"ما بين دفتى المصحف قرآن"، وهو قول ابن المبارك ورواية عن أحمد وداود، وقال الزيلعى في نصب الراية:"وهذا قول المحققين من أهل العلم".
ونسبة هذا القول إلى الحنفية استنباط فقط، فقد قال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٨: ١): "ثم اختلف في أنها من فاتحة الكتاب أم لا: فعدها قراء الكوفيين آية منها, ولم يعدها قراء البصريين، وليس عند أصحابنا رواية منصوصة في أنها آية منها، إلا أن شيخنا أبا الحسن الكرخى حكى مذهبهم في ترك الجهر بها، وهذا يدل على أنها ليست منها عندهم, لأنها لو كانت آية منها لجهر بها كما جهر بسائر آى السور".
وقال شمس الأئمة محمَّد بن أحمد بن أبي سهل السرخسيّ في المبسوط (ج ١ ص ١٦): "وعن معلى قال: قلت لمحمد -يعني ابن الحسن-: البسملة آية من القرآن أم لا؟ قال: ما بين الدفتين كله قرآن. قلت: فلم لم تجهر؟ فلم يجبنى، فهذا عن محمَّد بيان أنها آية أنزلت للفصل بين السور، لا من أوائل السور، ولهذا كتبت بخط على حدة، وهو اختيار أبي بكر الرازي رحمه الله، حتى قال محمَّد رحمه الله: يكره