جرحته السهام. وقد جرت الحال بأن هلاك القائد أو اختفاؤه معناه فقدان المعركة وفشل الحملة. ولذلك فإن معركة سامو كره، التى ذكرناها وشيكا، قد فقد داراشكوه هذا اليوم بعد أن أصابت قذيفة فيله فترجل وامتطى صهوة جواد، ذلك أن جنود رأوا الهودج خاليا وظنوا أن قائدهم قد خر صريعًا. وتبينت الأهمية التى كان يعلقها الطرفان المتحاربان على هلاك القائد قبل ذلك فى الزمن فى إطفاء فتنة كشلوخان على يد محمد بن تغلق سنة ٧٢٨ هـ (١٣٢٨ م)، ذلك أن محمدًا أقام من يدعى الشيخ عماد الدين، الذى كان يشبهه شخصيًا، فى قلب جيشه تحت المظلة السلطانية، وقبع هو فى الكمين فى ٤٠٠٠ فارس، وهجم المتمردون على القلب وقتلوا الشيخ، وبذلك استوثقوا من ظفرهم فتفرقوا يبغون السلب والنهب فى معسكر أعدائهم، وهنالك ظهر محمد وأنزل الهزيمة بقوات كشلو المطمئنة.
وهذه الحركات الحربية كانت تناسب بصفة خاصة سهول شمالى الهند، وقد وجدت القوات الشمالية (حكام سلطنة دلهى وأباطرة المغل على السواء) صعوبة فى ابتداع حركات حربية أخرى تصلح لبطائح البنغال أو حلوق جبال الدكن المشققة. وقد جعل المراطها بقيادة شواجى وخلفائه حرب العصابات فنًا جميلا، واستخدموا هذه الحرب فى عدة مناسبات لمناوشة جيوش المغل وسلطنات الدكن. وقد قدر مالك عنبر الصفات التى اتصفت بها حرب المراطها، ومالك عنبر هذا هو الذى نظم فرقة من جنود العصابات لسلطنة النظام شاهى.
ومضى وقت طويل قبل أن يدرك الحكام المسلمون فى الهند إمكانيات الحرب البحرية، ولو أن السفن الحربية كانت على وجه التحقيق تكلف بحراسة قوافل الحجيج التى تسافر بالبحر. على أن هؤلاء الحكام، بعد غزو المغل كجرات وساحل كُنْكَن، بدءوا يدركون إمكانيات التعاون بين القوات البرية والبحرية، كما حدث فى بعض المعارك التى دارت على طول هذه السواحل، وانتهى الأمر بإقامة أمراء بحر جنجيرة أمراء بحر للأسطول المغلى.