ب) يمتص الهواء الألوان من خلال صورة بصرية تنطوى على هذه الألوان. ويرى ابن باجة أن وجود اللون بالقوة وسط الظلام أمر لا شك فيه. والدليل على وجود هذا اللون يكمن فى الدرجات المختلفة لنفس اللون، إذ تتنوع درجاته بتنوع كميات الضوء المحيط به بما فى ذلك شبه الظل. أما عن لمعان وبريق بعض الأشياء والحيوانات، فإن هذا لا يرجع إلى اللون بل يرجع إلى التأثيرات الواقعة على العين. وكما أن اللون يمكن إدراكه فى غياب النور فكذلك النور لا يمكن إدراكه إلا إذا كان مرتبطا باللون. كذلك شرع ابن رشد (توفى ٥٩٥ هـ/ ١١٩٨ م) الشارح الأكبر لأعمال أرسطو فى وضع نظرية تفسر النور واللون، بحيث تكون متسقة -بقدر الإمكان- مع روح العلم عند المشائين. فهو يرى أن اللون يوجد على سطح جسم ما. وهو يعد كمال (أو التحقق التام) الشفافية المحدودة، أما النور فهو كمال الشفافية غير المحدودة، وإذا امتزجت النار بالجسم الشفاف، فإن الألوان تجد فى النور جوهرها ووجودها لا مجرد علة لنقلها لعضو الابصار. وقد سبق أن رأينا ابن باجة كان مناصرا للنظرية القائلة بأن الألوان توجد "بالقوة" فى الأجسام سواء سلطت الأنوار على هذه الأجسام أم لا، أما فقيه قرطبة -وزميل ابن باجة فى الوطن "سرقسة"- فإنه يرى أن الألوان توجد "بالفعل" حتى لو لم تكن ضمن إدراكنا الحسى، ولا تكون مرئية إلا بتأثير الضوء. ويرى أن النور واللون يوجدان معا فى الوسط الشفاف. وكلاهما مشتق. فالنور مشتق من جسم لامع واللون من جسم ملون. والنور يخرج اللون من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، وبذلك ينقله إلى العين. وهكذا نجد أنه الوجود الموضوعى للألوان وتأثيرها على العين كلاهما يعتمد على النور. ولكن القابلية للرؤية للبيت شرطا لوجود اللون. ويترتب على ذلك أن اللون من حيث هو لون لا ينطوى على نور وهذا عكس ما قاله ابن باجة. فعندما يسلط النور على الجسم الشفاف تنتج ألوان مختلفة وذلك طبقا لشدة النور ودرجة