والقبط والأرمن ومن أهل جورجيا، ولكن معظم سكانها كانوا من الأوربيين، وأغلب هؤلاء الأوربيين كانوا من الفرنسيين. أما الجاليات الأوربية التى هى دون هؤلاء عددًا كالاسبان والبروفنساليين والألمان والمجريين فكانوا يعيشون مترابطين حول كنائسهم ومؤسساتهم العامة، واستحدثت مبان جديدة كان أبرزها ساحة "سوق" القبر المقدس الفسيحة التى أقيمت فى مكانٍ إسلامى، ولا زالت هذه الساحة حتى اليوم تسيطر على الحياة اليومية فى المدينة القديمة، ولم تَخْل أية ناحية من آثار نشاط الصليبيين. وحدث بعد حرب ١٩٦٧ م أن أزيلت أنقاض الحى اليهودى فتكشف ما يُظَنَّ معه أنه بقايا كنيسة القديسة مارى التى كانت للألمان.
وهناك رسالة يرجع تاريخها إلى أقل من عقد من الزمان من الغزو الصليبى، وهى رسالة من فلسطين (وليست من القدس تحديدًا) تشير إلى عودة الحياة بالبلاد إلى مسيرتها الطبيعية للجميع بما فيهم سكانها غير المسيحيين ولقد ظلت القدس مدينة مغلقة فى وجه المسلمين واليهود ولكن بمرور الوقت سمح لهم بدخولها لقضاء أعمالهم وأداء صلواتهم، وقد ورد فى كتاب الاعتبار لأسامة بن منقذ ما يشير إلى أنه صلى فى منطقة الهيكل (الاعتبار لأسامة، نشره فيليب حتى، برنستون ١٩٣٠، ص ١٣٤ - ١٣٥) كما أن الصباغين اليهود كانوا يعملون فى خزانة ملابس الملك الموجودة فى ساحة القصر.
وبعد الانتهاء من وقعة حطين الحاسمة تقدم صلاح الدين شطر القدس وحاصرها، ثم جرت مفاوضات بين الجانبين وكانت مفاوضات طويلة هدد فيها الصليبيون بقتل من فى يدهم من الأسرى المسلمين وجميع من لا يحاربون كما هددوا بحرق كل ما فيها من غالٍ وثمين وهدم مبانى الحرم الشريف. ثم انتهى الأمر أخيرًا بعقد اتفاق فى رمضان ٥٨٣ هـ (= نوفمبر ١١٨٧ م) سمح فيه للسكان بافتداء أنفسهم بعد الاستسلام، ولم يسمح إلّا للمسيحيين الشرقيين بالإقامة بها،