للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستعادت القدس طابعها كمدينة إسلامية خالصة وعادت المزاوات الإسلامية إلى ما كانت عليه، وردت الأماكن المسيحية (التى استحدثها الصليبيون) إلى ما كانت عليه من مؤسسات إسلامية، ومن الأمثلة البارزة على ذلك دير راهبات كنيسة "سنت آن" الذى تحول فصار مدرسة الصلاحية الشهيرة، وقد سميت بذلك نسبة إلى مؤسسها صلاح الدين والمارستان الذى كان من قبل كنيسة ملحقة بنزل فرسان القديس يوحنا، أما القبر المقدس فقد ظل باقيًا فى أيدى النصارى، وإن توقف الحج إليه مؤقتًا حتى سنة ١١٩٢ م.

وهنا ظهرت مشكلة إعادة تعمير الناحية بالسكان، إذ كان ميناء مدينة عسقلان العظيم قد هدم بأمر صلاح الدين حتى يحول بين الصليبيين وبين تحويله إلى قاعدة جديدة لعملياتهم الحربية وأصبح لزامًا على المسئولين توفير مساكن جديدة للسكان، فانزلوهم فى بيوت المقدس الخالية من أهلها، وتتحدث رسائل الجنيزة التى ترجع إلى ذلك العهد عن مجتمع من "العساقلة" فى المدينة المقدسة، ومن المؤكد أن اليهود لم يميزوا فى المعاملة. وكان هناك إلى جانب ذلك "مغربية" وهو أمر نلاحظ ورود الإشارة إليه عند المقدسى قبل هذا الوقت بقرنين من الزمان، كما نرى الأمر تجاه جماعات من اليمن والعراق ومصر، هذا إلى جانب مجئ عديد من علماء اليهود فى الفترة من ١٢١٠ حتى ١٢١٥ م، وتشهد المؤلفات وكذلك رسائل الجنيزة بما ذاع بين الناس فى ذلك الوقت من وصف الحكم الأيوبى بأنه حكم نظامى قادر على توفير السلامة للأغراب، غير أن الحياة كانت صعبة حتى إننا لنسمع أن هناك كثيرين من القادمين الجدد قد غادروا البلد قبيل انصرام القرن السادس الهجرى إلى مراعى مصر الخضراء وإلى المدن الساحلية المطلة على شرقى البحر الأبيض المتوسط.

على أن عهد سلطان دمشق "الملك المعظم" ابن أخى صلاح الدين يعتبر نقطة انتقال أصبحت كارثة فى تاريخ القدس، ذلك أنه على الرغم من