للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"النقوش" الكثيرة التى تشير إلى احترامه الحرم وتأسيسه مدرسة للحنفية سميت باسمه إلا أن خوفه من كَرّة عدوانية مسيحية جديدة حمله على إصدار أمره فى سنة ٦١٦ هـ (= ١٢١٩ م) بتخريب المدينة ولا يستثنى من ذلك سوى منطقة الحرم والقبر المقدس والقلعة، إلا أن خوفه مما يترتب عليه هذا القرار حال دون وضعه موضع التنفيذ، ثم جاء أخوه الكامل سلطان مصر فسيطر عليه هو الآخر وأدّى خوفه من أيوبىّ الشام إلى عقد اتفاقية مع الإمبراطور فردريك الثانى فى سنة ٦٢٦ هـ (= ١٢٢٩ م) سلّمه بمقتضاها المدينة لمدة عشر سنوات، ولما كان فردريك واقعًا تحت طائلة قرار الحرمان البابوى فقد قام بتتويج نفسه هناك من غير مساعدة اكليريكية، وكان ذلك آخر مرة يتم فيها تتويج حاكم ما -أيا كان هذا الحاكم- فى القدس، وحينذاك -وتحت هذا الوضع الجديد- لم يعد مسموحًا للمرة الثانية للمسلمين بدخول المدينة باستثناء الحرم الشريف الذى ظل فى أيديهم، واتخذ القاضى مكانه خارج القدس وذلك فى "ألبيرة" قرب رام اللَّه (انظر J.P ower Royaum: Latier, paris ١٩٧٠. II. ١٩٩٠) ولقد ترتب على المنازعات التالية بين أيوبىّ مصر والشام أنْ أمكن الوصول إلى عقد اتفاق بينهم وبين النصارى يقضى بمغادرة المسلمين كل النواحى حتى منطقة الهيكل، مما جعل رئيس فرسان الداوية يتباهى بأن المدينة لم يعد يقطنها سوى المسيحيين.

وقام الملك الصالح نجم الدين أيوب سلطان مصر بالاستعانة بالخوارزميين الجفاة الغلاظ الذين كان المغول قد طردوهم إلى الغرب فاكتسحوا بلاد الشام وفلسطين واستولوا على القدس فى ربيع الأول سنة، ٦٤٢ هـ (= أغسطس ١٢٤٤ م) وانطلقوا يدمرون وينهبون ويفتكون بكل من فى البلد، ولم يراعوا حرمة القبر المقدس ولا الكنائس فانتهكوها جميعًا، وحارب العسكر الخوارزميون وجيوش الملك الصالح نجم الدين أيوب أهل الشام ومن كانوا لهم حلفًا كما حاربوا الصليبيين وتغلبوا عليهم فى جمادى