للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفن أول الأمر في القلعة، ثم نقلت رفاته إلى المدرسة العزيزية.

وحوصرت المدينة مرات إبان القتال العنيف الذي استعر بين ولدى صلاح الدين، الأفضل والعزيز، وأخيه العادل فأصاب هذا الحصار المدينة بشر كبير، ولم تستعد دمشق هدوءها وأمنها في عهد العادل إلَّا بموت العزيز، والقضاء المبرم على الأفضل (وفي هذا العهد وسعت القلعة، وشيد مسجد العيدين، انظر المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة جـ ٧، ص ٣١).

وهدد الفرنجة دمشق أيام ولده وخليفته المعظم عيسى، ولكن خطرهم زال عنها، وبعد أعوام نشب الخلاف بين أمراء البيت الأيوبى، وانتهى هذا النضال بتحالف الصالح إسماعيل صاحب دمشق مع النصارى على الصالح أيوب عزيز مصر، وهو التحالف الذي أسخط العالم الإسلامى أشد السخط. وقد استطاع الصالح أيوب بمساعدة الخوارزميين أن يهزم الحليفين في غزة عام ٦٤٣ هـ (١٢٤٤ م) وأن يعيد دمشق إلى حوزة مصر. ولما مات المعظم توران شاه بن الصالح أَيُّوب عام ٦٤٨ هـ (١٢٥٠ م) استولى الناصر يوسف صاحب حلب على قصبة الشَّام الجنوبية، وكان بذلك آخر من استولى عليها من الأيوبية.

ولم تتأثر العمارة التي بدأها نور الدين بالفتن التي سادت هذا العهد. فقد تنافس أمراء البيت الأيوبى وأميراته وسائر أشراف المملكة في إنشاء المبانى الخيرية، واصبحت دمشق بذلك مدينة المدارس، وزار ابن جبير المدينة أيام صلاح الدين، وأحصى فيها نحو عشرين مدرسة، ولكن هذا العدد زاد بعد ذلك أضعافًا. على أن شأن هذه العمائر في تاريخ العلوم الإِسلامية، وبالأحرى في أعمال البر والتقوى، أهم من شأنها في تاريخ المدينة ذاتها. ومن ثم نحيل القارئ إلى ترجمات سوفير في المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة جـ ٣، ٧؛ ويمكن أن نقارن ما كتبه سوفير بما ورد في zeitschr. Der deutsch. Morgenl, جـ ٨، ص ٣٥٦ - ٣٧٤.