وهذه القناة بدأها الفرعون "فكو" وأنهاها نكاو (٦١٠ - ٥٩٥ ق. م)"داريوس" الفارسى. وجددها فيما بعد بطلميوس الثانى و"تراجان". وجرى العمل فيها على فترات متعاقبة فى العصر الإسلامى، حيث نسبوا إنشائها بالخطأ إلى "هدريان".
أصلحها عمر بن الخطاب فى سنة (٢٣ م/ ٦٤٣ م) لتيسير نقل الحبوب من الفسطاط عن طريق البحر الأحمر، وسميت من بعده "خليج أمير المؤمنين" ووفقا لما ذكره "أبو صالح"، يقع فمها عند القلزم، ووفقا لما أورده "المسعودى" وآخرون (وهو الأكثر دقة)، فإن فم القناة يقع عند "ذنب التمساح" على بعد ميل واحد من المدينة، حيث كان حجاج مكة من مصر يعبرون القناة على كوبرى ضخم. وردم الخليفة المنصور جزءا منها فى سنة (١٥٨ هـ/ ٧٧٥ م) تجنبا لمهاجمة عمه محمد بن عبد اللَّه، الذى تمرد ضده فى المدينة، ولذلك فإنها كانت تنتهى فى زمن أبى صالح عند "السدر" على مدخل وادى طميلات.
وقام الخليفة هارون الرشيد بمحاولات لم يكتب لها النجاح لإعادة فتحها للملاحة، وقيل أنه تخلى عن محاولته تلك خوفا من الإغريق. ومن وقتها ظلت معظم مياهها تصب فى "بركة الجُب" حتى ردمت بالكامل فى سنة ١٨٩٩ م لأسباب صحية.
واكتسبت مدينة القلزم أهميتها مباشرة من هذه القناة، لأنه طبقا لوصف الجغرافيين العرب، فإن موقع المدينة كان مهجورا ومقفرا، افتقر إلى الماء والزرع، ولم يكن يصلح لزراعة الأشجار ولا الثمار. بيد أن نفعه جاء من كونه مصدرا للملح الذى كان ينقل إلى مختلف أرجاء مصر وسوريا بغرض البيع. ويذكر البغدادى فى تقديره أن محاجر الصوان الأحمر، كانت تدار على مقربة منها. وتركزت أهميتها الأساسية فى العصور القديمة وفى المرحلة الإسلامية المبكرة، فى كونها نقطة مغادرة للسفن فى البحر الأحمر، والذى اشتهر بالتالى بين العرب بأنه بحر القلزم. وكانت السفن