احتمالًا أن مرثاتها التى قيلت فى رجل آخر غير معروف حملت على أنها قيلت فى طرفة الذى يجوز أن يكون توفى قبلها فى عمر مبكر بعض الشئ.
وبموازنة التاريخ المعاصر لذلك نستطيع أن نحصل على بصيص من النور فى هذا الصدد، فحين خلف عمرو أباه سنة ٥٥٤ م أوصى إخوته بأمور، غير أنه وضع من شأن أخيه غير الشقيق عمرو بن أمامة. وقد ذهب هذا الأخير إلى جنوب الجزيرة العربية وفى صحبته طرفة ليستعين بأمراء اليمن. وقد ترك طرفة بعضًا من الإبل كانت لديه -أو كانت لطرفة ورثها عن أبيه- فى إقليم قابوس أخى الملك، وكان قابوس وعمرو بن قيس الشيبانى يليان هذا الإقليم. وتلقى عمرو بن أمامة العون من قبيلة مراد اليمنية جنودًا تحت إمرة هبيرة بن عبد يغوث. وحين بلغ الجنود اليمامة سقط هبيرة مريضًا من شربة شربها من بئر ماء، وأرسل إليه عمرو بن أمامة طبيبًا فوضع حديدًا محمى دون خبرة على معدته لعلاجه فكاد أن يودى بحياته. وظن هبيرة أن الطبيب كان يعمل بإيحاء من عمرو فدس عليه من قتله فى مكان يقال له قضيب، ورجع هو ورجال عشيرته إلى اليمن؛ ومضى الرجل الذى قتل عمرًا بأسرته إلى الحيرة متوقعًا جائزة مناسبة من الملك عمرو، ولكنه بدلا من أن ينال المكافاة أُحرق هو وأسرته أحياء، وهذه الحادثة ذكرها طرفة فى قصيدته الأولى من الديوان نسخة ابن السكيت (ولا يوجد منها فى طبعة آلوارت Alhwardt غير أبيات قليلة).
والشاعر يزعم أيضًا فى القصيدة نفسها أن الإبل المستباحة التى عادت كانت ملكًا لأبيه الذى يسمى هنا معبدًا. وكانت تسرح بالقرب من تبالة (ابن السكيت، رقم ٢) وفى هذه القصيدة التى نعدها جد متأخرة، فإنه ينفس عن غضبه الكامن لأن الأبل لم تعد، ثم هو يتهم أيضًا رجلًا اسمه عبد عمرو بن بشر الذى لم يكن يمت بصلة قرابة للملك كما يدعى مؤرخو السير عامة؛ ويبدو أن هذا الأخير قد أفاد من استباح الإبل. ولم يكن لهذه القصيدة التأثير المرتجى فشن طرفة حملة قاسية على الملك قال فيها: قد يكون من الخير أن تكون لىنا نعجة تحكمنا مكان الملك عمرو (القصيدة ١٧ بيتًا فى رواية ابن