للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زيدٌ قائماً أبوه" على أن يكون المراد: "ظُن زيدٌ أن يقوم أبوه" كما قالوا: إنهم يجيزونه عليه من حيث جاز:

(أظنَّ ابنُ طرثوثٍ عُتيبةُ ذاهباً ... بعاريتي تكذابه وجعائلة)

وذلك أن البيت إنما عَمِلَ فيه "الظن" في اسم فاعل مبتدإ به مُعملٍ عمل الفعل فاعله سادٌّ مسد خبر الابتداء، فدخل "ظننتُ" وسد مسد المفعول اثاني، كما كان سد مسدَّ خبر المبتدأ، فالظن إنما عمل في جملة واحدة، وهذا مستقيم.

ونظيره قولهم: علمت أن زيداً قائمٌ، وظننتُ أن يقوم زيدٌ، فالفاعل وخبر "أن" -هاهنا- قد سدا مسد المفعول الثاني. فكذلك في اليبت، والظن عامل في جملة واحدة.

وهم حيث أجازوا: ظُنَّ زيدٌ قائماً أبوه، فقد أعملوا الظن في "زيد"، وأعملوه في "قائم" الذي هو من جملة أخرى واقعةٍ في موقع خبر الظن المنقول من خبر المبتدأ، فأعملوا الظن في اسم مفرد، وبعضِ جملة أخرى، وليس لهذا نظير في كلامهم، ولا وجه له في القياس. ألا ترى أن الجملة التي تقع في موضع المفعول الثاني لا يعمل الظن، ولا "كان"، ولا "إنَّ" في شيء من جزءيها على انفراده، وإنما يعمل في موضع جزءيها مجتمعين، تقول: كان زيدٌ أبوه منطلق فيكون "الأبٌ" و"منطلقٌ" في موضع نصب. ولو نصبت منطلقاً في هذه المسألة فأعملت "كان" في بعض الجملة/ ٦٦ أكان خطأ عند الناس جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>