للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفعلين، فإذا أوقعت "أو" هنا فقلت "أو قعد" فهنا في الحقيقة أحد الأمرين معلوم ثابت إلا أنه أجرى عليه لفظ "أوْ" فجعله وإن كان كائناً بمنزلة ما لم يكن فكأنه قال: لا أدعي واحداً منهما كما أنه إذا قال: "أقام أو قعد" لا يكون مدعياً لوقوع واحد منهما، فجرى مجرى قولك "تكلمت ولمْ تتكلمْ" فهذا ليس أنك ناقضت في كلامك فنفيت ما أوجبت، ولكن لم تعتمد بالكلام لقلته، أو لأنه لم يسد المسد الذي أريد به.

فكذلك "أوْ" إذا أدخلتها هنا مع أن أحد الفعلين كائن في الحقيقة أجريته مجرى ما لم يكن، فصار بمنزلة "أوْ" في الاستفهام إذا قلت: أقامَ أو قعَدَ في أنك لا تدعي وقوع واحد منهما، وليست بمنزلة "أو" في الخبر لأن الشبه ها هنا إنما وقع في الاستفهام من حيث كان تسوية، فإذا كان الشبه واقعاً في الاستفهام وقعت المماثلة به لا بالخبر.

فمن هنا قلنا: إنك كأنك لم تثبت واحداً من الفعلين لما أدخلت "أوْ" في "مَا أدري أقام أو قعد" كما لم تثبت واحداً منهما في الاستفهام في قولك "أقامَ أو قعد" وليس هو كالخبر الذي يثبت فيه أحدهما في غير عينه ألا ترى أنك إذا قلت: "أقامَ زيدٌ أو قعد" مثبت أحدهما إلا أنك لا تدري أيهما هو.

<<  <  ج: ص:  >  >>