وفي إيثار هذين الوصفين المفيدين للمبالغة في الرحمة إشارة لسبقها من حيث ملاصقتها لاسم الذات وغلبتها من حيث تكرارها على أضدادها وعدم انقطاعها. وقدم الرحمن لأنه علم في قول أو كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره تعالى؛ لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره.
وابتدأ بها تأسيا بالكتاب العزيز وعملا بحديث «كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر» أي ناقص البركة، وفي
رواية " بالحمد لله " فلذلك جمع بينهما فقال: (الحمد لله) أي جنس الوصف بالجميل أو كل فرد منه مملوك أو مستحق للمعبود بالحق المتصف بكل كمال على الكمال.
والحمد: هو الثناء بالصفات الجميلة والأفعال الحسنة سواء كان في مقابلة نعمة أم لا. وفي الاصطلاح: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد أو غيره.
والشكر لغة: هو الحمد، واصطلاحا: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله. قال تعالى:{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: ١٣] . وآثر لفظ الجلالة دون باقي الأسماء كالرحمن والخالق إشارة إلى أنه كما يحمد لصفاته يحمد لذاته؛ ولئلا يتوهم اختصاص استحقاقه الحمد بذلك الوصف دون غيره. (حمدا) مفعول مطلق مبين لنوع الحمد لوصفه بقوله: (لا ينفد) بالدال المهملة وفتح الفاء ماضي " نفد " بكسرها أي لا يفرغ (أفضل ما ينبغي) أي يطلب (أن يحمد) أي يثنى عليه ويوصف، و " أفضل " منصوب على أنه بدل من حمدا أو صفته أو حال منه، و " ما " موصول اسمي أو نكرة موصوفه، أي أفضل الحمد الذي ينبغي، أو أفضل حمد ينبغي حمده به.
(وصلى الله) قال الأزهري معنى الصلاة من الله تعالى الرحمة، ومن الملائكة