فصل (والوقف عقد لازم) بمجرد القول وإن لم يحكم به حاكم، كالعتق لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا يباع أصلها
ولا يوهب ولا يورث» قال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم، فـ (لا يجوز فسخه) بإقالة ولا غيرها لأنه مؤبد،
(ولا يباع) ولا يناقل به (إلا أن تتعطل منافعه) بالكلية، كدار انهدمت أو أرض خربت وعادت مواتا ولم تمكن عمارتها، فيباع لما روي أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كتب إلى سعد لما بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب أن انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصلى، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان كالإجماع.
ولو شرط الواقف أن لا يباع إذن ففاسد؛ (ويصرف ثمنه في مثله) لأنه أقرب إلى غرض الواقف، فإن تعذر مثله ففي بعض مثله ويصير وقفا بمجرد الشراء، وكذا فرس حبيس لا يصلح لغزو،
(ولو أنه) أي الوقف (مسجد) ولم ينتفع به في موضعه فيباع إذا خربت محلته (وآلته) أي ويجوز بيع بعض آلته وصرفها في عمارته، (وما فضل عن حاجته) من حصره وزيته ونفقته ونحوها (جاز صرفه إلى مسجد آخر) ، لأنه انتفاع به في جنس ما وقف له، (والصدقة به على فقراء المسلمين) لأن شيبة بن عثمان الحجبي كان يتصدق بخلقان الكعبة. وروى الخلال بإسناده أن عائشة أمرته بذلك، ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين، وفضل موقوف على معين استحقاقه مقدر بتعين إرصاده؛ ونص فيمن وقف على قنطرة فانحرف الماء يرصد لعله يرجع؛ وإن وقف على ثغر فاختل صرف في ثغر مثله؛ وعلى قياسه مسجد ورباط ونحوهما.