(الرابع: شركة الأبدان) وهي (أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما) أي: يشتركان في كسبهما من صنائعهما، فما رزق الله تعالى فهو بينهما، (فما تقبله أحدهما من عمل يلزمهما فعله) ويطالبان به؛ لأن شركة الأبدان لا تنعقد إلا على ذلك، وتصح مع اختلاف الصنائع كقصار مع خياط، ولكل واحد منهما طلب الأجرة، وللمستأجر دفعها إلى أحدهما، ومن تلفت بيده بغير تفريط لم يضمن.
(وتصح) شركة الأبدان (في الاحتشاش والاحتطاب وسائر المباحات) كالثمار المأخوذة من الجبال والمعادن والتلصص على دار الحرب، لما روى أبو داود بإسناده «عن عبد الله قال: اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر، فلم أجئ أنا وعمار بشيء، وجاء سعد بأسيرين، قال أحمد: أشرك بينهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . (وإن مرض أحدهما فالكسب) الذي عمله أحدهما (بينهما) احتج الإمام بحديث سعد، وكذا لو ترك العمل لغير عذر، (وإن طالبه الصحيح أن يقيم مقامه لزمه) لأنهما دخلا على أن يعملا، فإذا تعذر عليه العمل بنفسه لزمه أن يقيم مقامه توفية للعقد بما يقتضيه وللآخر الفسخ، وإن اشتركا على أن يحملا على دابتيهما والأجرة بينهما صح، وأن أجرهما بأعينهما فلكل أجرة دابته، ويصح دفع دابة ونحوها لمن يعمل عليها وما رزقه الله تعالى بينهما على ما شرطاه.
(الخامس: شركة المفاوضة) وهي (أن يفوض كل منهما إلى صاحبه كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة) بيعا وشراء ومضاربة وتوكيلا وابتياعا في الذمة ومسافرة