(ولا يعيرها) ولا يؤجرها؛ لأنه إباحة المنفعة، فلم يجز أن يبيحها غيره كإباحة الطعام، (فإن) أعارها و (تلفت عند الثاني استقرت عليه قيمتها) إن كانت متقومة، سواء كان عالما بالحال أو لا؛ لأن التلف حصل في يده، (و) استقر (على معيرها أجرتها) للمعير الأول إن لم يكن المستعير الثاني عالما بالحال، وإلا استقرت عليه أيضا. (و) للمالك أن (يضمن أيهما شاء) من المعير؛ لأنه سلط على إتلاف ماله أو المستعير؛ لأن التلف حصل تحت يده، (وإن أركب) دابته (منقطعا) طلبا (للثواب لم يضمن) ؛ لأن يدربها لم تزل عليها، كرديفه ووكيله، ولو سلم شريك شريكه الدابة، فتلفت
بلا تفريط ولا تعد، لم يضمن إن لم يأذن له في الاستعمال، فإن أذن له فيه فكعارية، وإن كان بأجرة فإجارة، فلو سلمها إليه ليعلفها ويقوم بمصالحها لم يضمن.
(وإذا قال) المالك: (أجرتك) و (قال) من هي بيده: (بل أعرتني أو بالعكس) بأن قال: أعرتك، قال: بل أجرتني، فقول المالك في الثانية، وترد إليه في الأول إن اختلفا (عقب العقد) أي: قبل مضي مدة لها أجرة (قبل قول مدعي الإعارة) مع يمينه؛ لأن الأصل عدم عقد الإجارة، وحينئذ ترد العين إلى مالكها إن كانت باقية. (و) إن كان الاختلاف (بعد مضي مدة) لها أجرة، فالقول (قول المالك) مع يمينه؛ لأن الأصل في مال الغير الضمان، ويرجع المالك حينئذ (بأجرة المثل) لما مضى من المدة؛ لأن الإجارة لم تثبت. (وإن قال) الذي في يده العين: (أعرتني، أو قال: أجرتني، قال) المالك: (بل غصبتني) ، فقول مالك كما لو اختلفا في ردها، (أو قال) المالك: (أعرتك) و (قال) من هي بيده: (بل أجرتني، والبهيمة تالفة) ، فقول مالك؛ لأنهما اختلفا في صفة القبض، والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان للأثر، ويقبل قول الغارم في القيمة، (أو اختلفا في رد، فقول المالك) ؛ لأن المستعير قبض العين لحظ نفسه، فلم يقبل قوله