(وتنعقد) الهبة (بالإيجاب والقبول) بأن يقول: وهبتك أو أهديتك أو أعطيتك فيقول: قبلت أو رضيت ونحوه (أو) بـ (المعاطاة الدالة عليها) أي على الهبة، لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يهدي ويهدى إليه، ويعطي ويعطى، ويفرق الصدقات، ويأمر سعاته بأخذها وتفريقها، وكان أصحابه يفعلون ذلك ولم ينقل عنهم إيجاب ولا قبول، ولو كان شرطا لنقل عنهم نقلا متواترا أو مشتهرا.
(وتلزم بالقبض بإذن واهب) لما روى مالك عن عائشة أن أبا بكر نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض، قال: يا بنية كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا ولو كنت حزتيه أو قبضتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى، وروى ابن عيينة عن عمر نحوه، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف، (إلا ما كان في يد متهب) وديعة أو غصبا ونحوهما، لأن قبضه مستدام فأغنى عن الابتداء، (ووارث الواهب) إذا مات قبل القبض (يقوم مقامه) في الإذن والرجوع، لأنه عقد يؤول إلى اللزوم فلم ينفسخ بالموت، كالبيع في مدة الخيار، وتبطل بموت المتهب ويقبل، ويقبض للصغير ونحوه وليه، وما اتهبه عبد غير مكاتب وقبله فهو لسيده، ويصح قبوله بلا إذن سيده.