للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُضَاهِئُونَ لِلنَّصَارَى بِقَدْرِ مَا شَابَهُوهُمْ فِيهِ، وَخَالَفُوا فِيهِ دِينَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ مُوَافَقَتُهُ لِدِينِ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ، وَأَمَّا الْغُلَاةُ مِنْهُمْ فَمُوَافَقَتُهُمْ لِلنَّصَارَى أَكْثَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ أَكْفَرُ مِنَ النَّصَارَى، وَلَمَّا كَانَ مُسْتَنَدُ النَّصَارَى هُوَ مَا يَنْقُلُونَهُ إِمَّا عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِمَّا عَنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُوجِبُونَ اتِّبَاعَهُ كَانُوا إِذَا أَوْرَدُوا عَلَى عُلَمَائِهِمْ مَا يَقْتَضِي امْتِنَاعَ ذَلِكَ قَالُوا هَكَذَا فِي الْكِتَابِ، وَبِهَذَا نَطَقَ الْكِتَابُ وَهَذِهِ الْكُتُبُ جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ، يَعْنُونَ الْمُؤَيَّدِينَ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَيَعْنُونَ بِالرُّسُلِ الْحَوَارِيِّينَ فَاعْتِصَامُهُمْ بِهَا إِنَّمَا هُوَ لِمَا ظَنُّوهُ مَذْكُورًا فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَإِنْ رَأَوْهُ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ.

وَلِهَذَا يَنْهَوْنَ جُمْهُورَهُمْ عَنِ الْبَحْثِ وَالْمُنَاظَرَةِ فِي ذَلِكَ، لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ مَتَى تَصَوَّرَ دِينَهُمْ عَلِمَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَدَعْوَى الْمُدَّعِينَ أَنَّا إِنَّمَا قُلْنَا أَبٌ وَابْنٌ وَرُوحُ قُدُسٍ لِتَصْحِيحِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ حَيٌّ نَاطِقٌ كَذِبٌ ظَاهِرٌ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَتَصْحِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ حَيٌّ مُتَكَلِّمٌ، لَا يَقِفُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ، بَلْ يُمْكِنُهُ تَصْحِيحُ ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْعِبَارَاتِ الْبَيِّنَةِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ بِدُونِ قَوْلِنَا أَبٌ وَابْنٌ وَرُوحُ قُدُسٍ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ النَّصَارَى - الْمُقِرُّونَ بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>