للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي الْإِنْجِيلِ الْمَأْخُوذِ عَنِ الْمَسِيحِ - مُخْتَلِفُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْكَلَامِ، فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يَقُولُ الْأَبُ هُوَ الْوُجُودُ، وَالِابْنُ هُوَ الْكَلِمَةُ، وَرُوحُ الْقُدُسِ هُوَ الْحَيَاةُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلِ الْأَبُ هُوَ الْوُجُودُ، وَالِابْنُ هُوَ الْكَلِمَةُ، وَرُوحُ الْقُدُسِ هُوَ الْقُدْرَةُ.

وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّ الْأَقَانِيمَ الثَّلَاثَةَ: جَوَادٌ حَكِيمٌ قَادِرٌ، فَيُجْعَلُ الْأَبُ هُوَ الْجَوَادَ، وَالِابْنُ هُوَ الْحَكِيمَ، وَرُوحُ الْقُدُسِ هُوَ الْقَادِرَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ جَمِيعَ الصِّفَاتِ تَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَيَقُولُونَ: إِنَّا اسْتَدْلَلْنَا عَلَى وُجُودِهِ بِإِخْرَاجِهِ الْأَشْيَاءَ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَذَلِكَ مِنْ جُودِهِ.

وَقَدْ رَأَيْتُ فِي كُتُبِ النَّصَارَى هَذَا وَهَذَا وَهَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنِ الْكَلِمَةِ بِالْعِلْمِ، فَيَقُولُونَ: مَوْجُودٌ حَيٌّ عَالِمٌ، أَوْ مَوْجُودٌ عَالِمٌ قَادِرٌ، كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ: نَاطِقٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَوْجُودٌ حَيٌّ حَكِيمٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ حَيٌّ حَكِيمٌ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُتَّحِدَ بِالْمَسِيحِ وَالْحَالَّ فِيهِ هُوَ أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ الِابْنَ دُونَ الْأَبِ، وَمَنْ أَنْكَرَ الْحُلُولَ وَالِاتِّحَادَ مِنْهُمْ كَالْأَرْيُوسِيَّةِ يَقُولُ: إِنَّ الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَبْدٌ مُرْسَلٌ، كَسَائِرِ الرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ -، فَوَافَقَهُمْ عَلَى لَفْظِ: الْأَبِ، وَالِابْنِ، وَرُوحِ الْقُدُسِ، وَلَا يُفَسِّرُ ذَلِكَ بِمَا يَقُولُهُ مُنَازِعُوهُ مِنَ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>