للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مَثَلًا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى بِأَسْمَائِهِ، وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -:

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] (١) {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ٢] (٢) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] (٣) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤] . .

وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْلُ، فَإِنَّ الْمِثْلَيْنِ اللَّذَيْنِ يَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ يَجِبُ لِأَحَدِهِمَا مَا يَجِبُ لِلْآخَرِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ لِلْخَالِقِ مِثْلٌ لَلَزِمَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَجِبُ، وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ.

وَالْخَالِقُ يَجِبُ لَهُ الْوُجُودُ وَالْقِدَمُ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْعَدَمُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَخْلُوقُ وَاجِبَ الْوُجُودِ قَدِيمًا أَزَلِيًّا لَمْ يُعْدَمْ قَطُّ، وَكَوْنُهُ مُحْدَثًا مَخْلُوقًا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مَعْدُومًا، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَعْدُومًا قَدِيمًا مُحْدَثًا، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ يَمْتَنِعُ فِي بِدَايَةِ الْعُقُولِ، وَأَيْضًا فَالْمَخْلُوقُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقِدَمُ، وَيَجِبُ لَهُ سَابِقَةُ الْعَدَمِ، فَلَوْ وَجَبَ لِلْخَالِقِ الْقَدِيمِ مَا يَجِبُ لَهُ، لَوَجَبَ كَوْنُ الْوَاجِبِ لِلْقِدَمِ وَاجِبَ الْحُدُوثِ بَعْدَ الْعَدَمِ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، فَالْعَقْلُ الصَّرِيحُ يَجْزِمُ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَالْكَلَامُ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَذْكُرُوا عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً، (بَلْ قُلْتُمْ إِنَّهُ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ، إِذْ هُوَ الْخَالِقُ لِكُلِّ شَيْءٍ فَلَمْ تَذْكُرُوا حُجَّةً) عَلَى أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، إِذْ كَانَ عُمْدَتَكُمْ عَلَى مَا شَهِدْتُمْ حُدُوثَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَمْ تَذْكُرُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>