للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُجَّةً مَعَ كَوْنِهِ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، بَلْ قُلْتُمْ لِأَنَّنَا مَعْشَرَ النَّصَارَى لَمَّا رَأَيْنَا حُدُوثَ الْأَشْيَاءِ عَلِمْنَا أَنَّ شَيْئًا غَيْرَهَا أَحْدَثَهَا لِمَا فِيهَا مِنَ التَّضَادِّ وَالتَّقَلُّبِ فَقُلْنَا: إِنَّهُ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ إِذْ هُوَ الْخَالِقُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَذَلِكَ لِنَنْفِيَ الْعَدَمَ عَنْهُ، وَدَلِيلُكُمْ لَوْ دَلَّ عَلَى الْعِلْمِ بِالصَّانِعِ لَمْ يَدُلَّ إِلَّا عَلَى أَنَّهُ خَالِقٌ فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَدُلَّ؟

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْخَالِقَ سُبْحَانَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا لَا مَعْدُومًا، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُقَلَاءِ وَالنُّظَّارِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَثْبَتَ وُجُودَهُ بِالدَّلِيلِ النَّظَرِيِّ، لَكِنْ لَيْسَ فِي دَلِيلِكُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَالْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ، وَقَوْلُكُمْ: إِذْ هُوَ الْخَالِقُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ خَالِقٌ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ نَفْيٍ لِلْمُمَاثَلَةِ عَنْهُ، وَلَكِنْ بَيَّنْتُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ جَهْلَكُمْ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ كَجَهْلِكُمْ بِالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ، وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ - تَعَالَى - عَنْ أَهْلِ النَّارِ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ:

{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>