للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ صِفَةٍ أُقْنُومٌ، فَصَارَتِ الْأَقَانِيمُ ثَلَاثَةً، لِأَنَّ هَذَا الْمِثَالَ لَا يُطَابِقُ قَوْلَكُمْ، فَإِنَّ زَيْدًا هُنَا هُوَ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ لَهُ ثَلَاثُ صِفَاتٍ: الطِّبُّ وَالْحِسَابُ وَالْكِتَابَةُ، وَلَيْسَ هُنَا ثَلَاثَةُ جَوَاهِرَ، وَلَكِنْ لِكُلِّ صِفَةٍ حُكْمٌ لَيْسَ لِلْأُخْرَى.

وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ: إِنَّ الصِّفَةَ مُسَاوِيَةٌ لِلْمَوْصُوفِ فِي الْجَوْهَرِ، وَلَا أَنَّ الذَّاتَ مَعَ هَذِهِ الصِّفَةِ تُسَاوِي الذَّاتَ مَعَ الصِّفَةِ الْأُخْرَى فِي الْجَوْهَرِ، لِأَنَّ الذَّاتَ وَاحِدَةٌ وَالْمُسَاوِي لَيْسَ هُوَ الْمُسَاوَى، وَلِأَنَّ الذَّاتَ مَعَ الصِّفَةِ هِيَ الْأَبُ فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الَّذِي اتَّحَدَ بِالْمَسِيحِ فَالْمُتَّحِدُ بِهِ هُوَ الْأَبُ، وَلِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ عَنْ هَذَا الَّذِي قُلْتُمْ: (إِنَّهُ إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، مِنْ جَوْهَرِ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ مُسَاوٍ الْأَبَ فِي الْجَوْهَرِ وَأَنَّهُ نَزَلَ، وَتَجَسَّدَ مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ، وَمِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ، وَتَأَنَّسَ وَصُلِبَ وَتَأَلَّمَ) فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ الْحَقُّ الْمُسَاوِي لِلْأَبِ فِي الْجَوْهَرِ صُلِبَ وَتَأَلَّمَ، فَيَكُونَ اللَّاهُوتُ مَصْلُوبًا مُتَأَلِّمًا، وَهَذَا تُقِرُّ بِهِ طَوَائِفُ مِنْكُمْ، وَطَوَائِفُ تُنْكِرُهُ، لَكِنَّ مُقْتَضَى أَمَانَتِكُمْ هُوَ الْأَوَّلُ.

وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ تَجَسَّدَ مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ وَمَرْيَمَ، فَإِنْ كَانَ رُوحُ الْقُدُسِ هُوَ حَيَاةَ اللَّهِ، كَمَا زَعَمْتُمْ فَيَكُونُ الْمَسِيحُ كَلِمَةَ اللَّهِ وَحَيَاتَهُ، فَيَكُونُ لَاهُوتُهُ أُقْنُومَيْنِ مِنَ الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ، وَعِنْدَهُمْ إِنَّمَا هُوَ أُقْنُومُ الْكَلِمَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>