فَهُوَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ جَعْلِ الْآلِهَةِ وَاحِدًا، وَإِثْبَاتِ ثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، وَبَيْنَ إِثْبَاتِ جَوْهَرٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ إِثْبَاتِهِ ثَلَاثَةَ جَوَاهِرَ، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] (١) {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ٢] (٢) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] (٣) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤] .
فَنَزَّهَ نَفْسَهُ أَنْ يَلِدَ كَمَا يَقُولُونَ: هُوَ الْأَبُ، وَأَنْ يُولَدَ كَمَا يَقُولُونَ: هُوَ الِابْنُ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ لَهُ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الْجَوْهَرِ.
وَإِذَا قُلْتُمْ نَحْنُ نَقُولُ أَحَدِيُّ الذَّاتِ ثُلَاثِيُّ الصِّفَاتِ، قِيلَ لَكُمْ: قَدْ صَرَّحْتُمْ بِإِثْبَاتِ إِلَهٍ حَقٍّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ وَبِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْأَبِ فِي الْجَوْهَرِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِإِثْبَاتِ جَوْهَرٍ ثَانِي لَا بِصِفَةٍ، فَجَمَعْتُمْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بَيْنَ إِثْبَاتِ ثَلَاثَةِ جَوَاهِرَ، وَبَيْنَ دَعْوَى إِثْبَاتِ جَوْهَرٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذَا اعْتِذَارُ مَنِ اعْتَذَرَ مِنْكُمْ كَيَحْيَى بْنِ عَدِيٍّ وَنَحْوِهِ حَيْثُ قَالُوا: هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: زَيْدٌ الطَّبِيبُ الْحَاسِبُ الْكَاتِبُ، ثُمَّ تَقُولُ: زَيْدٌ الطَّبِيبُ وَزَيْدٌ الْحَاسِبُ وَزَيْدٌ الْكَاتِبُ.
فَهُوَ مَعَ كُلِّ صِفَةٍ لَهُ حُكْمٌ خِلَافَ حُكْمِهِ مَعَ الصِّفَةِ الْأُخْرَى، وَقَدْ يُفَسِّرُونَ الْأُقْنُومَ بِهَذَا، فَيَقُولُونَ: الْأُقْنُومُ هُوَ الذَّاتُ مَعَ الصِّفَةِ، فَالذَّاتُ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute