للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَقْصُودُ هُنَا: بَيَانُ فَسَادِ كَلَامِهِمْ وَقِيَاسِهِمْ.

وَإِنْ أَرَادُوا مَا هُوَ بَائِنٌ عَنِ الشَّمْسِ قَائِمٌ بِغَيْرِهَا. كَالشُّعَاعِ الْقَائِمِ بِالْهَوَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَرَارَةِ الْقَائِمَةِ بِذَلِكَ كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ مِنْ وُجُوهٍ:

مِنْهَا: أَنَّ هَذِهِ أَعْرَاضٌ مُنْفَصِلَةٌ بَائِنَةٌ عَنِ الشَّمْسِ قَائِمَةٌ بِغَيْرِهَا لَا بِهَا، وَنَظِيرُ هَذَا مَا يَقُومُ بِقُلُوبِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالْوَحْيِ الَّذِي أَنْذَرُوا بِهِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَيْسَ فِي النَّاسُوتِ شَيْئًا مِنَ اللَّاهُوتِ وَإِنَّمَا فِيهِ آثَارُ حِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْحَرَارَةَ وَالضَّوْءَ الْقَائِمَ بِالْهَوَاءِ وَالْجُدْرَانِ أَعْرَاضٌ قَائِمَةٌ بِغَيْرِ الشَّمْسِ، وَالْكَلِمَةُ وَرُوحُ الْقُدُسِ عِنْدَهُمْ هُمَا جَوْهَرَانِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الشَّمْسَ، وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرٌ حَاصِلٌ فِي غَيْرِ الشَّمْسِ بِسَبَبِ الشَّمْسِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُنْكَرُ قِيَامُهُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ اخْتِصَاصٌ، فَمَا حَلَّ بِالْمَسِيحِ حَلَّ بِغَيْرِهِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، وَمَا لَمْ يَحِلَّ بِغَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ بِهِ فَلَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِأَمْرٍ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الرُّسُلِ، وَلَا هُنَا اتِّحَادٌ بَيْنَ اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ، كَمَا لَمْ تَتَّحِدِ الشَّمْسُ وَلَا صِفَاتُهَا الْقَائِمَةُ بِهَا بِالْهَوَاءِ، وَالْأَرْضِ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الشُّعَاعُ وَالْحَرَارَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>