للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَاقِضَ بَعْضُهُ بَعْضًا.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا يَنْقُلُونَهُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّمَا تَتِمُّ الْحُجَّةُ بِهِ إِذْ عُلِمَ إِسْنَادُهُ وَمَتْنُهُ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْهُمْ نَقْلًا صَحِيحًا، وَنَعْلَمُ أَنَّ تَرْجَمَتَهُ مِنَ الْعِبْرِيَّةِ إِلَى اللِّسَانِ الْآخَرِ، كَالرُّومِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ تَرْجَمَةٌ صَحِيحَةٌ وَيُعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى.

وَلَيْسَ مَعَ النَّصَارَى حُجَّةٌ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ تَثْبُتُ فِيهَا هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتُ الثَّلَاثُ وَنَحْنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ يَكْفِينَا الْمَنْعُ، وَالْمُطَالَبَةُ لَهُمْ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّهُمُ ادَّعَوْا أَنَّ التَّثْلِيثَ أَخَذُوهُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، فَنَحْنُ نُطَالِبُهُمْ بِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَا نُبَيِّنُ تَفْسِيرَ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْكَلِمَاتِ، أَمَّا قَوْلُهُ عَلَى لِسَانِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُخَاطِبًا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: (أَلَيْسَ الْأَبُ الَّذِي صَنَعَكَ وَبَرَاكَ وَاقْتَنَاكَ) ؟ فَهَذَا فِيهِ أَنَّهُ سَمَّاهُ أَبًا لِغَيْرِ الْمَسِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ لِإِسْرَائِيلَ: (أَنْتَ ابْنِي بِكْرِي) ، وَدَاوُدَ (ابْنِي حَبِيبِي) ، وَقَوْلِ الْمَسِيحِ (أَبِي وَأَبِيكُمْ) وَهُمْ يُسَلِّمُونَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَسِيحِ بِمَعْنَى الرَّبِّ لَا مَعْنَى التَّوَلُّدِ الَّذِي يَخُصُّونَ بِهِ الْمَسِيحَ.

الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَسْمِيَتُهُ أَبًا لِغَيْرِ الْمَسِيحِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ إِلَّا مَعْنَى الرَّبِّ، عُلِمَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي لُغَةِ الْكُتُبِ يُرَادُ بِهِ الرَّبُّ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ فِي حَقِّ الْمَسِيحِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>