للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْكَلَامِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي خَصُّوا بِهِ الْمَسِيحَ، إِنَّمَا يَثْبُتُ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ أُرِيدَ الْمَعْنَى الَّذِي ادَّعَوْهُ فِي الْمَسِيحِ فَلَوْ أُثْبِتَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِمُجَرَّدِ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَبِ لَزِمَ الدَّوْرُ، فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ يَثْبُتُ أَنَّهُ كَانَ يُرَادُ بِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ، حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي حَقِّ الْمَسِيحِ، فَإِذَا تَوَقَّفَ الْعِلْمُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ بِأَنَّهُ أُرِيدَ فِي حَقِّ الْمَسِيحِ، بِلَفْظِ الْأَبِ مَا خَصُّوهُ بِهِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَلَامِهِمْ إِطْلَاقُ اسْمِ الْأَبِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُ اللَّاهُوتِ، وَلَا إِطْلَاقُ اسْمِ الِابْنِ وَالْمُرَادُ بِهِ شَيْءٌ مِنَ اللَّاهُوتِ لَا كَلِمَتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ، بَلْ لَا يُوجَدُ لَفْظُ الِابْنِ إِلَّا وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَخْلُوقُ، فَلَا يَكُونُ لَفْظُ الِابْنِ إِلَّا لِابْنٍ مَخْلُوقٍ.

وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُسَمَّى الِابْنِ فِي حَقِّ الْمَسِيحِ هُوَ النَّاسُوتُ، وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَهُمْ: إِنَّ الِابْنَ وَرُوحَ الْقُدُسِ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ لِلَّهِ وَأَنَّ الْمَسِيحَ اسْمٌ لِلَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ نُصُوصَ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ تُبْطِلُ مَذْهَبَ النَّصَارَى، وَتُنَاقِضُ أَمَانَتَهُمْ، فَهُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ:

بَيْنَ الْإِيمَانِ بِكَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ (وَبُطْلَانِ دِينِهِمْ.

وَبَيْنَ تَصْحِيحِ دِينِهِمْ وَتَكْذِيبِ الْأَنْبِيَاءِ) ، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>