بِهِ الْكَلَامُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَكْثَرِينَ، فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
وَإِنْ أَرَادُوا بِالْجَوْهَرِيَّةِ أَنَّهَا ذَاتِيَّةٌ مُقَوِّمَةٌ، وَبَاقِي الصِّفَاتِ عَرَضِيَّةٌ عَلَى رَأْيِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ الْيُونَانِ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ فِي الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ لِلْمَوْصُوفِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، كَانَ هَذَا فَاسِدًا مِنْ وُجُوهٍ:
مِنْهَا: أَنَّ تَفْرِيقَ هَؤُلَاءِ فِي الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ لِلْمَوْصُوفِ بَيْنَ صِفَةٍ وَصِفَةٍ، وَجَعْلَ بَعْضِهَا ذَاتِيًّا مُقَوَّمًا دَاخِلًا فِي الْمَاهِيَّةِ، وَبَعْضِهَا عَرَضِيًّا لَاحِقًا خَارِجًا عَنِ الْمَاهِيَّةِ - كَلَامٌ بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ نُظَّارِ الْأُمَمِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ، وَغَيْرِهِمْ كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ، وَبَيِّنٌ أَنَّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ تَرْكِيبِ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْأَجْنَاسِ وَالْفُصُولِ إِنَّمَا هُوَ تَرْكِيبٌ فِي الْأَذْهَانِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْأَعْيَانِ، وَأَنَّ مَا يَقُومُ بِالْأَذْهَانِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ تَصَوُّرِ الْأَذْهَانِ.
فَتَارَةً يَتَصَوَّرُ الشَّيْءَ مُجْمَلًا، وَتَارَةً يَتَصَوَّرُهُ مُفَصَّلًا، وَمَا سَمَّوْهُ تَمَامَ الْمَاهِيَّةِ، وَالدَّاخِلَ فِي الْمَاهِيَّةِ، وَالْخَارِجَ عَنْهَا، اللَّازِمَ لَهَا - يَعُودُ عِنْدَ التَّحْقِيقِ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ بِالْمُطَابَقَةِ وَالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ.
وَمَدْلُولُ اللَّفْظِ هُوَ بِحَسَبِ مَا يَعْنِيهِ الْمُتَكَلِّمُ وَيَقْصِدُهُ وَيَتَصَوَّرُهُ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ إِرَادَاتِ النَّاسِ لَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى حَقِيقَةٍ عَقْلِيَّةٍ وَلَا صِفَةٍ ذَاتِيَّةٍ لِلْمَوْجُودَاتِ.
وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ كَلَامُهُمْ بَاطِلًا لَمْ يُمْكِنْهُمْ ذِكْرُ فَرْقٍ صَحِيحٍ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute