للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّاتِيِّ وَالْعَرَضِيِّ اللَّازِمِ إِذَا كَانَ كِلَاهُمَا لَازِمًا لِلْمَوْصُوفِ، بَلْ ذَكَرُوا ثَلَاثَةَ فُرُوقٍ، وَالثَّلَاثَةُ بَاطِلَةٌ، وَاعْتَرَفَ حُذَّاقُهُمْ بِبُطْلَانِهَا، كَقَوْلِهِم: إِنَّ الذَّاتِيَّ يَثْبُتُ لِلْمَوْصُوفِ، بِلَا وَسَطٍ، وَالْعَرَضِيَّ اللَّازِمَ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِوَسَطٍ.

ثُمَّ حُذَّاقُهُمْ يُفَسِّرُونَ الْوَسَطَ بِالدَّلِيلِ، كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ سِينَا.

وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَسِّرُ الْوَسَطَ بِصِفَةٍ قَائِمَةٍ لِلْمَوْصُوفِ، كَمَا يُفَسِّرُهُ الرَّازِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَفْهَمُوا مُرَادَ أُولَئِكَ فَزَادَ غَلَطُهُم، وَأُولَئِكَ أَرَادُوا بِالْوَسَطِ الدَّلِيلَ، كَمَا يُرِيدُونَ بِالْحَدِّ الْأَوْسَطِ مَا يُقْرَنُ بِاللَّامِ فِي قَوْلِكَ: لِأَنَّهُ، فَصَارَ الْعَرَضِيُّ اللَّازِمُ عِنْدَهُمْ مَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ لِلْمَوْصُوفِ بِدَلِيلٍ، وَهَذَا لَا يَرْجِعُ إِلَى حَقِيقَةٍ ثَابِتَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، بَلْ هَذَا أَمْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَالِمِ بِالصِّفَاتِ.

فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ تَامَّ التَّصَوُّرِ فَيَعْلَمُ لُزُومَ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ، بِلَا دَلِيلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>