للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ صِفَةُ اللَّهِ نَفْسُهَا لَمْ يَكُنْ هُوَ اللَّهَ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَلَا خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.

وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ رَبُّ الْعَالَمِينَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ خَالِقُ آدَمَ وَمَرْيَمَ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ آدَمَ وَمَرْيَمَ، فَإِنَّهُ خَالِقُ ذَلِكَ بِلَاهُوتِهِ، وَهُوَ ابْنُ آدَمَ وَمَرْيَمَ بِنَاسُوتِهِ.

فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ صِفَةُ الرَّبِّ لَمْ تَكُنِ الصِّفَةُ هِيَ الْخَالِقَ، فَكَيْفَ وَالْمَسِيحُ لَيْسَ هُوَ صِفَةَ اللَّهِ نَفْسَهَا، بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَسُمِّيَ كَلِمَةَ اللَّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ كَوَّنَهُ (بِكُن) ؟

وَقَالَ تَعَالَى:

{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} [مريم: ٣٤] (٣٤) {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: ٣٥] .

وَسَمَّاهُ رُوحَهُ، لِأَنَّهُ خَلَقَهُ مِنْ نَفْخِ رُوحِ الْقُدُسِ فِي أُمِّهِ، لَمْ يَخْلُقْهُ كَمَا خَلَقَ غَيْرَهُ مِنْ أَبٍ آدَمِيٍّ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران: ٤٥] (٤٥) {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: ٤٦] (٤٦) {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: ٤٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>