للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ قَالُوا: الْمُتَّحِدُ بِهِ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ، فَقَدْ قَالُوا بِالتَّبْعِيضِ وَالتَّجْزِئَةِ، فَهُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا بُطْلَانُ مَذْهَبِهِم، وَإِمَّا اعْتِرَافُهُمْ بِالتَّبْعِيضِ وَالتَّجْزِئَةِ مَعَ بُطْلَانِهِ.

وَأَيْضًا فَقَوْلُهُم: (إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، مِنْ جَوْهَرِ أَبِيهِ، مَوْلُودٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مُسَاوٍ لِلْأَبِ فِي الْجَوْهَرِ، ابْنُ اللَّهِ الْوَحِيدُ، الْمَوْلُودُ قَبْلَ كُلِّ الدُّهُورِ) .

يُقَالُ لَهُم: هَذَا الِابْنُ الْمَوْلُودُ الْمُسَاوِي لِلْأَبِ فِي الْجَوْهَرِ، الَّذِي هُوَ إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، هَلْ هُوَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِغَيْرِهَا؟ أَوْ عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا؟

فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَالصِّفَةُ لَيْسَتْ إِلَهًا وَلَا هِيَ خَالِقَةً، وَلَا يُقَالُ لَهَا: مَوْلُودَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَا إِنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِلَّهِ فِي الْجَوْهَرِ، وَلَمْ يُسَمِّ قَطُّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ صِفَاتِ اللَّهِ لَا ابْنًا لَهُ وَلَا وَلَدًا، وَلَا قَالَ: إِنَّ صِفَةَ اللَّهِ تَوَلَّدَتْ مِنْهُ، وَلَا قَالَ عَاقِلٌ: إِنَّ الصِّفَةَ الْقَدِيمَةَ تَوَلَّدَتْ مِنَ الذَّاتِ الْقَدِيمَةِ.

وَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ إِلَهٌ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لِاتِّحَادِ نَاسُوتِهِ بِهَذَا الِابْنِ الْمَوْلُودِ قَبْلَ كُلِّ الدُّهُورِ، الْمُسَاوِي الْأَبَ فِي الْجَوْهَرِ.

وَهَذَا كُلُّهُ نَعْتُ عَيْنٍ قَائِمَةٍ بِنَفْسِهَا، كَالْجَوَاهِرِ الْقَائِمَةِ بِنَفْسِهَا، لَا نَعْتُ صِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِغَيْرِهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ التَّبْعِيضُ وَالتَّجْزِئَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>