وَالْجَوَابُ مِنْ طُرُقٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُقَالُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ، وَادَّعَوْا أَنَّهُ تَجَسُّمُ كَلِمَةِ اللَّهِ الْخَالِقَةِ بِإِنْسَانٍ مَخْلُوقٍ، وَوِلَادَتُهُمَا مَعًا، أَيِ الْكَلِمَةِ مَعَ النَّاسُوتِ، وَهُوَ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِاتِّحَادِ اللَّاهُوتِ بِالنَّاسُوتِ - هُوَ أَمْرٌ مُمْتَنِعٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ، وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ فِي صَرِيحِ الْعَقْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ رَسُولٌ، فَإِنَّ الرُّسُلَ إِنَّمَا تُخْبِرُ بِمَا لَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ، فَأَمَّا مَا يُعْلَمُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ، فَالرُّسُلُ مُنَزَّهُونَ عَنِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَخْبَارَ الْإِلَهِيَّةَ صَرِيحَةٌ بِأَنَّ الْمَسِيحَ عَبْدَ اللَّهِ لَيْسَ بِخَالِقِ الْعَالَمِ، وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ: هُوَ إِلَهٌ تَامٌّ وَإِنْسَانٌ تَامٌّ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: الْكَلَامُ فِيمَا ذَكَرُوهُ.
فَأَمَّا الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ فَمِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: الْمُتَّحِدُ بِالْمَسِيحِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الذَّاتَ الْمُتَّصِفَةَ بِالْكَلَامِ أَوِ الْكَلَامَ فَقَط، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: الْمُتَّحِدُ بِهِ، إِمَّا الْكَلَامُ مَعَ الذَّاتِ، وَإِمَّا الْكَلَامُ بِدُونِ الذَّاتِ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَّحِدُ بِهِ الْكَلَامَ مَعَ الذَّاتِ كَانَ الْمَسِيحُ هُوَ الْأَبَ وَهُوَ الِابْنَ وَهُوَ رُوحَ الْقُدُسِ، وَكَانَ الْمَسِيحُ هُوَ الْأَقَانِيمَ الثَّلَاثَةَ.
وَهَذَا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ النَّصَارَى، وَسَائِرِ أَهْلِ الْمِلَلِ، وَبِاتِّفَاقِ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَبَاطِلٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَإِنْ كَانَ الْمُتَّحِدُ بِهِ هُوَ الْكَلِمَةَ فَقَطْ فَالْكَلِمَةُ صِفَةٌ، وَالصِّفَةُ لَا تَقُومُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute