للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِ مَوْصُوفِهَا، وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ إِلَهًا خَالِقًا، وَالْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ إِلَهٌ خَالِقٌ، فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَإِنْ قَالُوا: الْمُتَّحِدُ بِهِ الْمَوْصُوفُ بِالصِّفَةِ فَالْمَوْصُوفُ هُوَ الْأَبُ، وَالْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ لَيْسَ هُوَ الْأَبَ، وَإِنْ قَالُوا: الصِّفَةُ فَقَط، فَالصِّفَةُ لَا تُفَارِقُ الْمَوْصُوفَ وَلَا تَقُومُ بِغَيْرِ الْمَوْصُوفِ، وَالصِّفَةُ لَا تَخْلُقُ وَلَا تَرْزُقُ، وَلَيْسَتِ الْإِلَهَ، وَالصِّفَةُ لَا تَقْعُدُ عَنْ يَمِينِ الْمَوْصُوفِ، وَالْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ هُوَ الْأَبَ فَقَط، وَهُوَ الذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الصِّفَاتِ، فَهَذَا أَشَدُّ اسْتِحَالَةً، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الذَّاتَ الْمُتَّحِدَةَ بِنَاسُوتِ الْمَسِيحِ مَعَ نَاسُوتِ الْمَسِيحِ إِنْ كَانَتَا بَعْدَ الِاتِّحَادِ ذَاتَيْنِ، وَهُمَا جَوْهَرَانِ كَمَا كَانَا قَبْلَ الِاتِّحَادِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِاتِّحَادٍ.

وَإِنْ قِيلَ: صَارَا جَوْهَرًا وَاحِدًا، كَمَا يَقُولُ مَنْ يَقُولُ مِنْهُم: إِنَّهُمَا صَارَا كَالنَّارِ مَعَ الْحَدِيدَةِ، أَوِ اللَّبَنِ مَعَ الْمَاءِ، فَهَذَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِحَالَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَانْقِلَابَ صِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ حَقِيقَتُهُ كَمَا اسْتَحَالَ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ إِذَا اخْتَلَطَا، وَالنَّارُ مَعَ الْحَدِيدَةِ، وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّاهُوتُ اسْتَحَالَ وَتَبَدَّلَتْ صِفَتُهُ وَحَقِيقَتُهُ، وَالِاسْتِحَالَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِعَدَمِ شَيْءٍ وَوُجُودِ آخَرَ، فَيَلْزَمُ عَدَمُ شَيْءٍ مِنَ الْقَدِيمِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ بِنَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>