للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، عَبْدِي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ كَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ ، فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا جَاعَ، فَلَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، عَبْدِي، عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقِنِي، فَيَقُولُ: رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» .

فَجَعَلَ جُوعَ عَبْدِهِ جُوعَهُ، وَمَرَضَهُ مَرَضَهُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مُوَافِقٌ لِلَّهِ فِيمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَيَأْمُرُ بِهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ لَا يَجُوعُ، وَلَا يَمْرَضُ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَصْفَهُ بِالْجُوعِ وَالْمَرَضِ أَبْعَدُ مِنْ وَصْفِهِ بِالْمَشْيِ بَيْنَ النَّاسِ، وَالِاخْتِلَاطِ بِهِم، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ مَوْجُودَةٌ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، وَغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْخَاصَّةِ، وَالْعَامَّةِ، وَلَا يَفْهَمُ عَاقِلٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ذَاتَ الْمَذْكُورِ اتَّحَدَتْ بِالْآخَرِ أَوْ حَلَّتْ فِيهِ إِلَّا مَنْ هُوَ جَاهِلٌ كَالنَّصَارَى.

وَالنَّاسُ يَرَوْنَ الشَّمْسَ، وَالْقَمَرَ، وَالْكَوَاكِبَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ الصَّافِي، وَفِي الْمِرْآةِ الْمَجْلُوَّةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

وَيَقُولُ أَحَدُهُم: رَأَيْتُ وَجْهَ فُلَانٍ فِي هَذِهِ الْمِرْآةِ، وَرَأَيْتُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي الْمِرْآةِ أَوْ فِي الْمَاءِ، مَعَ عِلْمِ كُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ نَفْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>