الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِهِمَا لَمْ تَحُلَّا لَا فِي الْمِرْآةِ وَلَا فِي الْمَاءِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ رُؤْيَةٌ مُقَيَّدَةٌ رَآهَا بِوَاسِطَةِ الْمِثَالِ الَّذِي تَمَثَّلَ فِي الْمِرْآةِ أَوِ الْمَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ شُعَاعًا مُنْعَكِسًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ الْقَائِلِ:
إِذَا ظَهَرَ الْغَدِيرُ عَلَى صَفَاءٍ
، وَجُنِّبَ أَنْ يُحَرِّكَهُ النَّسِيمُ تَرَى فِيهِ السَّمَاءَ، بِلَا امْتِرَاءٍ كَذَاكَ الشَّمْسُ تَبْدُو وَالنُّجُومُ كَذَاكَ قُلُوبُ أَرْبَابِ التَّجَلِّي يُرَى فِي صَفْوِهَا اللَّهُ الْعَظِيمُ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يُرَى فِي قُلُوبِ الْعَارِفِينَ، كَمَا تُرَى الشَّمْسُ وَالنُّجُومُ فِي الْمَاءِ الصَّافِي، بَلْ يَتَصَوَّرُ أَحَدُهُمْ صُورَةَ مَنْ يَعْرِفُهُ بِحُمْرَةٍ أَوْ خُضْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ هَذَا هُوَ فُلَانٌ بِعَيْنِهِ، مَعَ عِلْمِهِ وَعِلْمِ كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنَّهُ مِثَالُهُ الْمُطَابِقُ لِصُورَتِهِ لَا عَيْنُهُ، وَذَلِكَ لِمُمَاثَلَةِ تِلْكَ الصُّورَةِ لِصُورَتِهِ، يُرِيدُ أَنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ مُطَابِقٌ لَهُ لَا مُخَالِفٌ.
وَمِنْ هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي حَقًّا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي» " لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ رَأَى جَسَدِيِ الَّذِي فِي الْقَبْرِ، وَرُوحِي الَّتِي فِي الْجَنَّةِ - حَالَّةً فِي ذَاتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ لِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، فَلِهَذَا قَالَ: " «فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute