صَرِيحٌ بِإِثْبَاتِ إِلَهَيْنِ، وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ، وَلَا يُقَالُ الْجَوْهَرُ مَعَ الْعِلْمِ الَّذِي يُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِالْأُقْنُومِ مُسَاوٍ الْجَوْهَرَ الَّذِي هُوَ الذَّاتُ؛ فَإِنَّ الْجَوْهَرَ هُوَ الذَّاتُ، وَلَيْسَ هُنَا جَوْهَرَانِ، أَحَدُهُمَا مُجَرَّدٌ عَنِ الْعِلْمِ، وَالْآخَرُ مُتَّصِفٌ بِهِ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ أَحَدَهُمَا مُسَاوٍ لِلْآخَرِ، بَلِ الرَّبُّ تَعَالَى هُوَ الذَّاتُ الْمُتَّصِفَةُ بِالْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الذَّاتَ الْمُجَرَّدَةَ، فَالِابْنُ أَكْمَلُ مِنَ الْأَبِ، وَهُوَ الذَّاتُ مَعَ الْعِلْمِ، وَالْأَبُ بَعْضُ الِابْنِ.
وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ هُوَ بَعْضَ رُوحِ الْقُدُسِ؛ فَإِنَّهُمْ فِي أَمَانَتِهِمْ جَعَلُوا رُوحَ الْقُدُسِ هُوَ الرَّبُّ الْمُحْيِي، وَالرَّبُّ الْمُحْيِي هُوَ الذَّاتُ الْمُتَّصِفَةُ بِالْحَيَاةِ، وَالذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ بَعْضُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الذَّاتَ الْمُجَرَّدَةَ فَالِابْنُ بَعْضُ رُوحِ الْقُدُسِ.
ثُمَّ قُلْتُمْ فِي أُقْنُومِ رُوحِ الْقُدُسِ الَّذِي جَعَلْتُمُوهُ الرَّبَّ الْمُحْيِيَ -: إِنَّهُ مُنْبَثِقٌ مِنَ الْأَبِ مَسْجُودٌ لَهُ مُمَجَّدٌ، نَاطِقٌ فِي الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْمُنْبَثِقُ رَبًّا حَيًّا، فَهَذَا إِثْبَاتُ إِلَهٍ ثَالِثٍ، وَقَدْ جَعَلْتُمُ الذَّاتَ الْحَيَّةَ مُنْبَثِقَةً مِنَ الذَّاتِ الْمُجَرَّدَةِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّنَاقُضِ مَا لَا يَخْفَى.
ثُمَّ جَعَلْتُمْ هَذَا الثَّالِثَ مَسْجُودًا لَهُ، وَالْمَسْجُودُ لَهُ هُوَ الْإِلَهُ الْمَعْبُودُ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالسُّجُودِ لِإِلَهٍ ثَالِثٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّنَاقُضِ، ثُمَّ جَعَلْتُمُوهُ نَاطِقًا بِالْأَنْبِيَاءِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِحُلُولِ هَذَا الْأُقْنُومِ الثَّالِثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute