بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَجْعَلُوا كُلَّ نَبِيٍّ مُرَكَّبًا مِنْ لَاهُوتٍ وَنَاسُوتٍ، وَأَنَّهُ إِلَهٌ تَامٌّ وَإِنْسَانٌ تَامٌّ، كَمَا قُلْتُمْ فِي الْمَسِيحِ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُلُولِ الْكَلِمَةِ وَحُلُولِ رُوحِ الْقُدُسِ، كِلَاهُمَا أُقْنُومٌ.
وَأَيْضًا فَيَمْتَنِعُ حُلُولُ إِحْدَى الصِّفَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، وَحُلُولُ الصِّفَةِ دُونَ الذَّاتِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ الْحَيُّ النَّاطِقُ بِأَقَانِيمِهِ الثَّلَاثَةِ حَالًّا فِي كُلِّ نَبِيٍّ، وَيَكُونَ كُلُّ نَبِيٍّ هُوَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَيُقَالُ مَعَ ذَلِكَ: هُوَ ابْنُهُ، وَفِي هَذَا مِنَ الْكُفْرِ الْكَبِيرِ وَالتَّنَاقُضِ الْعَظِيمِ مَا لَا يَخْفَى، وَهَذَا لَازِمٌ لِلنَّصَارَى لُزُومًا لَا مَحِيدَ عَنْهُ، فَإِنَّ مَا ثَبَتَ لِلشَّيْءِ ثَبَتَ لِنَظِيرِهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: الْحُلُولَ أَوْ الِاتِّحَادَ فِي الْمَسِيحِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وَلَا نَصَّ فِي غَيْرِهِ، لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ النُّصُوصَ لَمْ تَدُلَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَدْ تَبَيَّنَ.
الثَّانِي: أَنَّ فِي غَيْرِ الْمَسِيحِ مِنَ النُّصُوصِ مَا شَابَهَ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِيهِ، كَلَفْظِ الِابْنِ، وَلَفْظِ حُلُولِ رُوحِ الْقُدُسِ فِيهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَنْعَكِسُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا عَلِمَهُ اللَّهُ وَأَكْرَمَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ أَعْلَمَ بِهِ الْخَلْقَ بِنَصٍّ صَرِيحٍ، بَلْ مِنْ جُمْلَةِ الدَّلَالَاتِ دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ.
وَإِذَا ثَبَتَ الْحُلُولُ وَالِاتِّحَادُ فِي أَحَدِ النَّبِيِّينَ بِمَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ الْآخَرِ - وَجَبَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، كَمَا إِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute