للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يَنْسَخُ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ، مِمَّا يُنَاقِضُ مَقْصُودَ التَّبْلِيغِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: ٥٢] (٥٢) {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [الحج: ٥٣] (٥٣) {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: ٥٤] (٥٤) {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: ٥٥]

وَإِنْ قَالُوا: خَبَرُهُ يُنَاقِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَانَ الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا أَيْضًا إِنْ كَانَ حَقًّا، فَإِنَّهُ يَقْدَحُ فِي رِسَالَتِهِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ لَا يُنَاقِضُ بَعْضُ خَبَرِهِ بَعْضًا، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لَكُمْ أَنْ تَحْتَجُّوا بِشَيْءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ.

فَعُلِمَ أَنَّ اسْتِدْلَالَهُمْ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى صِحَّةِ دِينِهِمُ الَّذِي خَالَفُوا بِهِ هَذَا الْكِتَابَ - فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَاسْتِدْلَالٌ بِمَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الِاسْتِدْلَالِ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي الْكِتَابِ.

وَإِذَا كَانَتِ النَّتِيجَةُ تَسْتَلْزِمُ فَسَادَ بَعْضِ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيلِ بَطَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>