للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَبَرْقَعُ، وَالْمَسِيحُ عِنْدَ النَّصَارَى قَدِ اتَّحَدَ بِهِ اللَّاهُوتُ مِنْ حِينِ عَلِقَتْ بِهِ مَرْيَمُ، وَلَمْ يَزَلْ مُتَّحِدًا بِهِ وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِهَا، يَعْظُمُ اتِّحَادُهُ بِهِ كُلَّمَا كَبِرَ، ثُمَّ كَذَلِكَ كَانَ مُتَّحِدًا بِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ إِلَى أَنْ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ وَقَعَدَ عَنْ يَمِينِ أَبِيهِ وَهُوَ مُتَّحِدٌ بِهِ عِنْدَهُمْ، وَاللَّاهُوتُ وَالنَّاسُوتُ جَمِيعًا، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بَدَنُ الْمَسِيْحِ تَغَيُّرًا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، وَلَا ظَهَرَ مِنَ الْأَنْوَارِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَسِيْحَ قَبْلَ أَنْ يُعَمِّدَهُ (يُوحَنَّا) وَيَرَى شِبْهَ الْحَمَامَةِ نَازِلًا عَلَيْهِ، لَمْ يُظْهِرِ الْآيَاتِ، بَلْ كَانَ كَآحَادِ النَّاسِ، وَأَوَّلُ مَا ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ قَلْبُ الْمَاءِ خَمْرًا.

وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمُجَرَّدِ مَا سَمِعَ الْكَلَامَ ظَهَرَ عَلَيْهِ النُّورُ، وَأَيْنَ سَمْعُ الْكَلَامِ مِنَ الِاتِّحَادِ بِهِ؟

وَمُوسَى لَمَّا سَمِعَ الْكَلَامَ وَكَلَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّجَرَةِ نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ وَظَهَرَ لَهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ مَا يُنَاسِبُ تَكْلِيمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَالرَّبُّ دَائِمًا عِنْدَ النَّصَارَى مُتَّحِدٌ بِبَدَنِ الْمَسِيحِ، وَلَمْ يُظْهِرْ مِنْ آيَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْعَظْمَةِ إِلَّا مَا يُظْهِرُ أَكْثَرَ مِنْهُ لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ.

الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: أَنَّ الْمُخَاطِبَ لِلنَّاسِ إِنْ كَانَ هُوَ مَجْمُوعَ اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ فَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَرْبُوبٌ يَدْعُو وَيَسْأَلُ، وَالْمَجْمُوعُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ يَسْأَلُ اللَّهَ وَيَعْبُدُهُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ اللَّاهُوتَ وَحْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>