للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ هَذَا، فَهُوَ أَبْعَدُ وَأَبْعَدُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ النَّاسُوتَ وَحْدَهُ فَلَمْ يَكُنِ اللَّاهُوتُ مُخَاطِبًا لِلنَّاسِ وَلَمْ يُكَلِّمِ اللَّهُ النَّاسَ مِنَ النَّاسُوتِ كَمَا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ.

وَأَيْضًا فَلَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ حَقِيقَةِ كَلَامِ النَّاسُوتِ وَكَلَامِ اللَّاهُوتِ.

وَكَلَامُ الْمَسِيحِ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ مَخْلُوقٌ كَثِيرٌ وَهُمْ يُقِرُّونَ بِهِ، لَكِنْ يَقُولُونَ ذَلِكَ كَلَامُ النَّاسُوتِ. فَيُقَالُ لَهُمْ حِينَئِذٍ: فَالْمُخَاطِبُ لِلنَّاسِ هُوَ النَّاسُوتُ دُونَ اللَّاهُوتِ، وَأَنْتُمْ قُلْتُمْ: إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ الْخَلْقَ مِنْ بَدَنِ الْمَسِيحِ كَمَا خَاطَبَ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ.

وَالْخِطَابُ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ هُوَ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّاهُوتِ، وَالْكَلَامُ الَّذِي كَانَ يُسْمَعُ مِنَ الْمَسِيحِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَخْتَصُّ بِاللَّاهُوتِ، بَلْ عَامَّتُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَلَامُ النَّاسُوتِ.

الْوَجْهُ الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّ اللَّهَ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ، كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>