الْكَلَامُ كَلَامَ اللَّهِ وَحْدَهُ، لَمْ يَكُنْ لِلشَّجَرَةِ كَلَامٌ أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَثَلُ مُطَابِقًا، كَانَ الَّذِي يُكَلِّمُ النَّاسَ مِنْ نَاسُوتِ الْمَسِيحِ هُوَ اللَّاهُوتَ وَحْدَهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِي الْإِنْجِيلِ وَغَيْرِهِ مِنَ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّاسُوتَ كَانَ هُوَ الْمُتَكَلِّمَ، مِمَّا يُبَيِّنُ الْفَرْقَ الْوَاضِحَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّ الَّذِي نَادَى مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ لَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَّا بِكَلَامِ الرُّبُوبِيَّةِ فَقَالَ:
{إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: ٣٠]
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي - إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى - فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: ١٤ - ١٦] .
وَسَائِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُ عَلَى لِسَان الْمَسِيحِ فَلَمْ يَقُلْ كَلِمَةً مِنْ هَذَا أَصْلًا، بَلْ كَانَ فِي كَلَامِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ رَسُولٌ، وَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مُحْتَاجٌ، وَأَنَّهُ ابْنُ الْبَشَرِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُنَاقِضُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَلَامَ الْمُنَادِي لِمُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ، فَمَنْ سَوَّى بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، كَانَ قَدْ سَوَّى بَيْنَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَبَيْنَ إِنْسَانٍ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute