للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُخْرِجُ يَدَهُ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ إِبْرَاءِ أَثَرِ الْبَرَصِ الَّذِي فَعَلَهُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ الْبَرَصَ مَرَضٌ مُعْتَادٌ، وَإِنَّمَا الْعَجَبُ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَأَمَّا بَيَاضُ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ثُمَّ عَوْدُهَا إِلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ، فَفِيهِ أَمْرَانِ عَجِيبَانِ لَا يُعْرَفُ لَهُمَا نَظِيرٌ.

وَأَيْضًا فَمُوسَى فَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْبَحْرَ حَتَّى عَبَرَ فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَغَرِقَ فِيهِ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، وَهَذَا أَمْرٌ بَاهِرٌ فِيهِ مِنْ عَظَمَةِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمِنْ إِهْلَاكِ اللَّهِ لِعَدُوِّ مُوسَى مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ لِلْمَسِيحِ.

وَأَيْضًا فَمُوسَى كَانَ اللَّهُ يُطْعِمُهُمْ عَلَى يَدِهِ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى مَعَ كَثْرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيُفَجِّرُ لَهُمْ بِضَرْبِهِ لِلْحَجَرِ كُلَّ يَوْمٍ اثْنَيْ عَشَرَ عَيْنًا يَكْفِيهِمْ.

وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ إِنْزَالِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْمَائِدَةِ، وَمِنْ قَلْبِ الْمَاءِ خَمْرًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْكَى عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

وَكَانَ لِمُوسَى فِي عَدُوِّهِ مِنَ الْقُمَّلِ وَالضَّفَادِعِ وَالدَّمِ وَسَائِرِ الْآيَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ لِلْمَسِيحِ، فَلَوْ كَانَ الْحَوَارِيُّونَ رُسُلًا قَدْ كَلَّمَهُمُ اللَّهُ مِثْلَ مَا كَلَّمَ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ كَانُوا مِثْلَ مُوسَى، فَكَيْفَ وَالْمَسِيحُ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ آيَاتٌ مِثْلَ آيَاتِ مُوسَى، وَلَوْ كَانَ الْمَسِيحُ هُوَ اللَّاهُوتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>