للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى لَكَانَ يُظْهِرُ مِنْ قُدْرَتِهِ أَعْظَمُ مِمَّا أَظْهَرَهُ عَلَى يَدِ مُوسَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَحُلَّ فِي بَدَنِ مُوسَى، وَلَا كَانَ اللَّاهُوتُ يُكَلِّمُ الْخَلْقَ مِنْ مُوسَى، كَمَا يَزْعُمُهُ هَؤُلَاءِ فِي الْمَسِيحِ، وَمَعَ هَذِهِ فَالْآيَاتُ الَّتِي أَيَّدَ بِهَا عَبْدَهُ مُوسَى، تِلْكَ الْآيَاتُ الْعَظِيمَةُ، فَكَيْفَ تَكُونُ آيَاتُهُ إِذَا كَانَ هُوَ نَفْسَهُ الَّذِي قَدْ حَلَّ فِي بَدَنِ الْمَسِيحِ، وَهُوَ الَّذِي يُخَاطِبُ النَّاسَ عَلَى لِسَانِ الْمَسِيحِ؟

الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ خَاطَبَ النَّاسَ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا خَاطَبَ مُوسَى النَّبِيَّ مِنَ الْعَوْسَجَةِ مَنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ، فَإِنَّ اللَّهَ بِاتِّفَاقِ الْأُمَمِ كُلِّهَا لَمْ يَحُلَّ فِي الشَّجَرَةِ، وَلَمْ يَتَّحِدْ بِهَا، كَمَا يَزْعُمُونَ هُمْ أَنَّهُ حَلَّ بِالْمَسِيحِ وَاتَّحَدَ بِهِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ حَلَّ بِبَاطِنِ الْمَسِيحِ، بَلْ وَبِظَاهِرِهِ، وَاتَّحَدَ بِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَالرَّبُّ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ فِي بَاطِنِ الشَّجَرَةِ، وَلَا حَلَّ فِيهَا، وَلَا اتَّحَدَ بِهَا، وَقَوْلُ اللَّهِ إِنَّهُ كَلَّمَهُ مِنْهَا وَنَادَاهُ مِنْهَا كَقَوْلِهِ أَنَّهُ: نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ وَذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِهِ:

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى - إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} [النازعات: ١٥ - ١٦] .

وَفِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>