الرَّبَّ تَعَالَى حَلَّ فِي بَاطِنِ الْوَادِي الْمُقَدَّسِ، أَوِ الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ، أَوِ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَلَا أَنَّهُ اتَّحَدَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا صَارَ هُوَ وَشَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَلَا شَخْصًا وَاحِدًا، كَمَا يَقُولُ بَعْضُ النَّصَارَى: إِنَّ اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ صَارَا جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: صَارَا شَخْصًا وَاحِدًا، بَلْ وَلَا قَالَ أَحَدٌ: أَنَّهُ حَلَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَحُلُولِ الْمَاءِ فِي اللَّبَنِ، أَوِ النَّارِ فِي الْحَدِيدِ، كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّ اللَّاهُوتَ حَلَّ فِي النَّاسُوتِ. كَذَلِكَ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ قَالَ شَيْئًا مِنَ الْمَقَالَاتِ الَّتِي لَا تَدُلُّ عَلَيْهَا الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ، وَلَا تُعْلَمُ بِالْعَقْلِ، لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ حُجَّةً، إِذْ لَا يُحْتَجُّ إِلَّا بِنَقْلٍ ثَابِتٍ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ بِمَا يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى وَنَادَاهُ هُوَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَتَكْلِيمُهُ لَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ مِنْ جِنْسِ مَا أَخْبَرَ بِنُزُولِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَنُزُولِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِحِسَابِ الْخَلْقِ، وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَأَمَّا حُلُولُهُ فِي الْبَشَرِ أَوِ اتِّحَادُهُ بِهِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَقْلًا وَسَمْعًا، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ نَبِيٌّ.
وَمَا تَقُولُهُ النَّصَارَى فِي غَايَةِ التَّنَاقُضِ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَسِيحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute