للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا فَائِدَةٌ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ يُؤْمِنُ بِالْغَيْبِ الَّذِي كَانَ يَجْحَدُهُ فَلَا اخْتِصَاصَ لِلْمَسِيحِ بِهِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِيمَانِهِ بِالْمَسِيحِ وَبِمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ وَالْيَهُودِيُّ الَّذِي يَمُوتُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ يَمُوتُ كَافِرًا بِمُحَمَّدٍ وَالْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِأَنَّهُ قَالَ:

{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩]

وَقَوْلُهُ: {لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [النساء: ١٥٩]

فِعْلٌ مُقَسَمٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِيمَانَ بَعْدَ إِخْبَارِ اللَّهِ بِهَذَا، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْكِتَابِيِّ لَقَالَ: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، لَمْ يَقِلْ: {لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [النساء: ١٥٩]

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ " وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ " وَهَذَا يَعُمُّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤْمِنُونَ بِالْمَسِيحِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَسِيحِ وَذَلِكَ إِذَا نَزَلَ آمَنَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ لَيْسَ كَاذِبًا كَمَا تَقُولُ الْيَهُودُ وَلَا هُوَ اللَّهُ كَمَا تَقُولُهُ النَّصَارَى.

وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى هَذَا الْعُمُومِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُدَّعَى أَنَّ كُلَّ كِتَابِيٍّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الْكِتَابِيُّ، فَإِنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ إِيمَانَ كُلِّ يَهُودِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>