للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَصْرَانِيٍّ، وَهَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ، وَهُوَ لَمَّا قَالَ:

وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ

دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِيمَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ هُوَ، عُلِمَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْعُمُومِ عُمُومَ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ نُزُولِهِ ; أَيْ لَا يَتَخَلَّفُ مِنْهُمْ أَحَدٌ عَنِ الْإِيمَانِ بِهِ، لَا إِيمَانَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا.

وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: إِنَّهُ لَا يَبْقَى بَلَدٌ إِلَّا دَخْلَهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، أَيْ مِنَ الْمَدَائِنِ الْمَوْجُودَةِ حِينَئِذٍ، وَسَبَبُ إِيمَانِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِهِ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ يَظْهَرُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّهُ رَسُولٌ مُؤَيَّدٌ لَيْسَ بِكَذَّابٍ وَلَا هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ.

فَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ إِيمَانَهُمْ بِهِ إِذَا نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ رَفْعَهُ إِلَى اللَّهِ بِقَوْلِهِ:

{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥]

وَهُوَ يَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَمُوتُ حِينَئِذٍ أَخْبَرَ بِإِيمَانِهِمْ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى:

{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ - وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ - وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ - وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ - وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>