للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَوَابُ: أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْتَجُّونَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ وَغَيْرِهَا، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، وَهَكَذَا شَأْنُ جَمِيعِ أَهْلِ الضَّلَالِ إِذَا احْتَجُّوا بِشَيْءٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَكَلَامِ أَنْبِيَائِهِ كَانَ فِي نَفْسِ مَا احْتَجُّوا بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ، وَذَلِكَ لِعَظَمَةِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ وَمَا أَنْطِقَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ، فَإِنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ هَدًى وَبَيَانًا لِلْخَلْقِ وَشِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ أَجْمَعِينَ مِنَ الْهُدَى وَالْبَيَانِ مَا يُفَرِّقُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، لَكِنَّ النَّاسَ يُؤْتَوْنَ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ لَا مِنْ قِبَلِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى.

إِمَّا مِنْ كَوْنِهِمْ لَمْ يَتَدَبَّرُوا الْقَوْلَ الَّذِي قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ حَقَّ التَّدَبُّرِ حَتَّى يَفْقَهُوهُ وَيَفْهَمُوهُ، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ أَخْذِهِمْ بِبَعْضِ الْحَقِّ دُونَ بَعْضٍ، مِثْلَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِبَعْضِ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ دُونَ بَعْضٍ، فَيَضِلُّونَ مِنْ جِهَةِ مَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنِ النَّصَارَى:

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤]

وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ نِسْبَتِهِمْ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ مَا لَمْ يَقُولُوهُ مِنْ أَقْوَالٍ كُذِبَتْ عَلَيْهِمْ وَمِنْ جِهَةِ تَرْجَمَةِ أَقْوَالِهِمْ بِغَيْرِ مَا تَسْتَحِقُّهُ مِنَ التَّرْجَمَةِ، وَتَفْسِيرِهَا بِغَيْرِ مَا تَسْتَحِقُّهُ مِنَ التَّفْسِيرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>