وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَيُؤْخَذَ كَلَامُهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَتُعْرَفَ مَا عَادَتُهُ يَعْنِيهِ وَيُرِيدُهُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ إِذَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَتُعْرَفَ الْمَعَانِي الَّتِي عُرِفَ أَنَّهُ أَرَادَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَإِذَا عُرِفَ عُرْفُهُ وَعَادَتُهُ فِي مَعَانِيهِ وَأَلْفَاظِهِ، كَانَ هَذَا مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مُرَادِهِ.
وَأَمَّا إِذَا اسْتُعْمِلَ لَفْظُهُ فِي مَعْنًى لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ، وَتُرِكَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي جَرَتْ عَادَتُهُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ، وَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى خِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي قَدْ عُرِفَ أَنَّهُ يُرِيدُهُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ بِجَعْلِ كَلَامِهِ مُتَنَاقِضًا، وَتَرْكِ حَمْلِهِ عَلَى مَا يُنَاسِبُ سَائِرَ كَلَامِهِ، كَانَ ذَلِكَ تَحْرِيفًا لِكَلَامِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَتَبْدِيلًا لِمَقَاصِدِهِ وَكَذِبًا عَلَيْهِ.
فَهَذَا أَصْلُ مَنْ ضَلَّ فِي تَأْوِيلِ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى غَيْرِ مُرَادِهِمْ، فَإِذَا عُرِفَ هَذَا، فَنَقُولُ:
الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحُدُهَا: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَذْكُرْ عَنِ الْمَسِيحِ خَلْقًا مُطْلَقًا، وَلَا خَلْقًا عَامًّا، كَمَا ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَوَّلُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١ - ٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute