للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقُدْرَةِ، فَإِنَّ الْقَادِرَ هُوَ الْخَالِقُ وَقَدْ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِقُدْرَتِهِ، وَلَيْسَتِ الْقُدْرَةُ هِيَ الْخَالِقَةُ، وَكَذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُرِيدِ وَالْإِرَادَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِمَشِيئَتِهِ، وَلَيْسَتْ مَشِيئَتُهُ هِيَ الْخَالِقَةُ.

وَكَذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالْعِبَادَةُ هُوَ لِلْإِلَهِ الْخَالِقِ لَا لِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ، فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: يَا اللَّهُ يَا رَبَّنَا يَا خَالِقَنَا، ارْحَمْنَا وَاغْفِرْ لَنَا، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: يَا كَلَامَ اللَّهِ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَلَا يَا قُدْرَةَ اللَّهِ وَيَا مَشِيئَةَ اللَّهِ وَيَا عَلَمَ اللَّهِ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَكَلَامِهِ، وَلَيْسَتْ صِفَاتُهُ هِيَ الْخَالِقَةُ.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ قَوْلَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " بِكَلِمَةِ اللَّهِ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ " يُوَافِقُ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ: أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِلشَّيْءِ: كُنْ فَيَكُونُ، وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَفِي التَّوْرَاةِ قَالَ اللَّهُ: " لِيَكُنْ كَذَا لِيَكُنْ كَذَا "

الْوَجْهُ التَّاسِعُ: قَوْلُهُمْ: لِأَنَّهُ لَيْسَ خَالِقٌ إِلَّا اللَّهَ وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ، إِنْ أَرَادُوا بِكَلِمَتِهِ كَلَامَهُ، وَبِرُوحِهِ حَيَاتَهُ، فَهَذِهِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَلَمْ يُعَبِّرْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ حَيَاةِ اللَّهِ بِأَنَّهَا رُوحُ اللَّهِ، فَمَنْ حَمَلَ كَلَامَ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِلَفْظِ الرَّوْحِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ حَيَاةُ اللَّهِ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ. ثُمَّ يُقَالُ: هَذَا كَلَامُهُ وَحَيَاتُهُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْخَالِقُ هُوَ اللَّهُ وَحْدُهُ، وَصِفَاتُهُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ لَا يُحْتَاجُ أَنْ تُجْعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>