للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ:

{وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ٩١] .

فَأَخْبَرَ أَنَّهُ نَفَخَ فِي مَرْيَمَ مِنْ رُوحِهِ، كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ نَفَخَ فِي آدَمَ مِنْ رُوحِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهَا رُوحَهُ {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا - قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا - قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا - قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا - قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} [مريم: ١٧ - ٢١] فَحَمَلَتْهُ

فَهَذَا الرُّوحُ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا لِيَهَبَ لَهَا غُلَامًا زَكِيًّا، مَخْلُوقٌ وَهُوَ رُوحُ الْقُدُسِ الَّذِي خُلِقَ الْمَسِيحُ مِنْهُ وَمِنْ مَرْيَمَ، فَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ مَخْلُوقًا فَكَيْفَ الْفَرْعُ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ وَهُوَ رُوحُ الْقُدُسِ؟ وَقَوْلُهُ عَنِ الْمَسِيحِ: (وَرُوحٌ مِنْهُ) خُصَّ الْمَسِيحُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ نَفَخَ فِي أُمِّهِ مِنَ الرُّوحِ، فَحَبِلَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ النَّفْخِ، وَذَلِكَ غَيْرُ رُوحِهِ الَّتِي يُشَارِكُهُ فِيهَا سَائِرُ الْبَشَرِ فَامْتَازَ بِأَنْ حَبِلَتْ بِهِ مِنْ نَفْخِ الرُّوحِ، فَلِهَذَا سُمِّيَ رُوحًا مِنْهُ

وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: رُوحٌ مِنْهُ، أَيْ رَسُولٌ مِنْهُ سَمَّاهُ بِاسْمِ الرُّوحِ الرَّسُولِ الَّذِي نَفَخَ فِيهَا، فَكَمَا يُسَمَّى " كَلِمَةً " يُسَمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>